واشترك في إفسس في مباراة مع فدياس، وكرسلاس Cresilas وفردمون Phradmon لصنع تمثال لامرأة محاربة يوضع في هيكل أرتميز. وعين الفنانون الأربعة قضاة للحكم في هذه المباراة. وتقول الرواية المتواترة إن كلاً منهم حكم بأن تمثاله خير التماثيل جميعها، وأن تمثال بليكليتس ثانيها، وبناءً على هذا الحكم منح الفنان السكيوني الجائزة (١). لكن بليكليتس كان يحب الرياضيين أكثر مما يحب النساء أو الآلهة، ولما أراد أن ينحت تمثاله الشهير لديادمنوس Diadumenos (وهو الذي توجد أحسن نسخة منه في متحف أثينة) مَثل هذا الظافر في اللحظة التي كان يربط حول رأسه العصابة التي يضع القضاة فوقها إكليل الغار. ويرى الناظر إلى صدر التمثال وبطنه عضلات أكثر وأضخم مما يصدقه العقل، ولكن الجسم يرتكز ارتكازاً واضحاً على قدم واحدة، وملامح التمثال تعبر عما امتاز به العصر الذهبي من تناسق أصدق تعبير. لقد كان بليكليتس يهيم بهذا التناسق بل يكاد يعبده، وكان همه في حياته أن يضع قانوناً أو قاعدة لتحديد النسبة الصحيحة بين كل جزء وجزء في التمثال، فكان والحالة هذه هو فيثاغورس النحت، ينشد الرياضة القدسية في التناسب والشكل، وكان يظن أن أبعاد أي جزء من أجزاء الجسم الكامل يجب أن تتناسب تناسباً محدداً معروفاً مع أبعاد أي جزء آخر كالسبابة مثلاً. وكان قانون بليكليتس هذا يستدعي أن يكون الرأس مستديراً، والكتفان عريضتين، والجذع ممتلئاً قصيراً، والعجيزتان واسعتين، والساقان قصيرتين، وكل هذه تجعل التمثال مظهراً للقوة لا للرشاقة. وأولع الفنان بقانونه ولعاً حمله على أن يؤلف رسالة يشرحه فيها وأن يوضحه بتمثال من صنعه. ولعل هذا التمثال هو تمثال الدوريفوروس Doryphoros أو حامل الرمح الذي توجد نسخة رومانية منه في متحف نابلي. وفيه يرى مرة أخرى الرأس القصير
(١) لعل تمثال المحاربة المحفوظ في الفاتيكان نسخة رومانية من هذا التمثال.