للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

العريض الجمجمة، والكتفان القويتان، والجذع القصير، والعضلات المتغضنة المسدولة على الحقو. وأجمل من هذا تمثال إفبوس Ephebos المحفوظ في المتحف البريطاني، وفيه تظهر أحاسيس الغلام كما تظهر عضلاته، ويبدو أنه منهمك في تفكير هادئ لطيف في شيء آخر غير قوته. وأضحت قواعد بليكليتس بفضل هذه التماثيل القانون الذي يتقيد به المَثالون في البلوبونيز، وقد تأثر به فدياس نفسه، وظلت له السيادة على النحاتين حتى قضى عليه بركسيتس وأحل محله ذلك القانون الآخر المناقض له والذي يجعل الجسم طويلاً، نحيلاً، رشيقاً، وقد بقى هذا القانون الأخير ظاهر الأثر في التماثيل الرومانية في أوربا المسيحية.

وكان ميرون Myron يمثل المرحلة الوسطى بين المدرستين البلوبونيزية والأتكية. وقد ولد هذا المَثال في إلوثيرا Eleuthera، وعاش في أثينة، ودرس وقتاً ما (كما يقول بلني (٢٨)) مع أجلاداس Ageladas، فتعلم كيف يجمع بين الرجولة البلوبونيزية والرشاقة الأيونية. وكان ما أضافه إلى مدارس الفن جميعها هو الحركة: فهو لم ير اللاعب الرياضي كما يراه بليكليتس قبل المباراة أو بعدها، بل يراه في أثنائها، وقد حقق ما رآه في البرونز تحقيقاً فاق به كل مَثال آخر حاول تصوير جسم الرجل في أثناء العمل. وصب حوالي عام ٤٧٠ أشهر تماثيل صنعها للاعبين وهي تماثيل رماة القرص (Disocobolo) (١) . وفيها بلغت عجائب أجسام الرجال غايتها! فقد درس الجسم دراسة دقيقة في جميع حركات المفاصل، والأوتار، والعظام، التي يتطلبها القيام بعمل ما، وانحنت الساقان والذراعان وانحنى


(١) في متحف ترمي Museo Dell Terme جذع رخامي هو نسخة من هذا التمثال صنعته يد فنان روماني. وفي معهد الأحياء المائية بميونخ نسخة برونزية من هذا التمثال صنعت في عصر متأخر، وفي المعهد الفني بنيويورك نسخة تجمع بين جذع كالذي في متحف الفاتيكان ورأس كالرأس الذي في قصر لانسلتي Lancelotti.