للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غير نظام شوارع واسعة مستقيمة تتقاطع متعامدة. وشاد فنانون مجهولون على ربوة تبعد عن الأكربوليس بميل واحد ذلك البارثنون الأصغر المعروف بالثسيوم أو هيكل ثسيوس (١). وملأ المَثالون قواصر البناء وواجهاته بالنقوش المحفورة. وأنشئوا له إفريزاً فوق الأعمدة الداخلية القائمة على جانبيه. وطلى الرسامون (الكرانيش) والحزوز، والواجهات وإلافريز، كما طلوا بالألوان الزاهية الجدران من الداخل التي لا يدخل إليها إلا قليل من الضوء ينفذ في المربعات الرخامية (٢).

وكان خير ما قام به البناؤون في عصر بركليز هو الأكربوليس، الحاضرة القديمة لحكومة المدينة ودينها، وقد بدأ ثمستكليز تجديده، فاختط هيكلاً طوله مائة قدم سمي لهذا السبب "ذا المائة قدم" Hecatompedon. فلما سقط ثمستكليز وقف العمل في بنائه لمعارضة الحزب الألجركي في ذلك، بحجة أنه إذا أريد إقامة بيت للإلهة أثينة لا يكون شؤماً على المدينة وجب أن يقام هذا البيت في موضع الهيكل القديم هيكل أثينة بولياس (أثينة المدينة) الذي دمره الفرس. لكن بركليز، الذي لم يكن من طبعه أن يعني بهذه الأوهام، رأى أن يقيم البارثنون في موضع الهكتمبدون وسار في العمل وفقاً لهذه الخطة رغم احتجاج الكهنة. وشاد فنانوه على منحدر تل الأكربوليس الجنوبي الغربي بهواً للموسيقى (أوديوم Odeum) يمتاز عن جميع أبهاء أثينة


(١) وهذه التسمية خاطئة لأن هذا الهيكل الذي أقيم في عام ٤٢٥ لا يمكن أن يكون هو الثسيوم الذي جاء إليه في عام ٤٦٩ بعظام ثستوس المزعومة، لكن الزمن يضفي القداسة على الخطأ كما يضفيها على السرقة، ولهذا بقيت هذه التسمية التقليدية متداولة لأننا تعوزنا التسمية المؤكدة الصحيحة.
(٢) والثيسوم هو خير ما احتفظ به من المباني اليونانية القديمة، ولكنه رغم العناية به تنقصه مربعاته الرخامية، وما كان على جدرانه من صور وبداخله من تماثيل، وعلى قواصره من نقوش، كما تنقصه جميع ألوانه الخارجية تقريباً. وقد لحقت أضرار كثيرة بواجهاته جعلت تمييز النقوش في حكم المستحيل.