للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

النقوش تمثل فتيان أتكا وفتياتها يقدمن الهدايا وفروض الطاعة للإلهة أثينة في يوم الاحتفال بألعاب الجامعة الأثينية، فترى جزءاً من الموكب يتحرك بمحاذاة الجانبين الغربي والشمالي، وجزءاً آخر يتحرك بمحاذاة الجانب الجنوبي، ثم يلتقيان في الواجهة الشرقية أمام الإلهة، وهي تقدم في فخر وكبرياء هدايا المدينة وجزءاً من مغانمها إلى زيوس وغيره من الآلهة الأولمبية. وهناك أيضاً فرسان حسان تتمثل فيهم المهابة والرشاقة فوق خيول أجمل منهم، وعربات تقل طائفةً من كبراء المدينة تتبعهم جماعات من العامة تبدو عليهم مظاهر السعادة وهم يسيرون في الموكب رجالاً. ونرى فتيات حساناً، وشيوخاً هادئين يحملون أغصان الزيتون وصحاف الكعك، ونرى الخدم وعلى أكتافهم أباريق من الخمر المقدسة، ونساء موقرات يحملن إلى الإلهة الأثواب الخارجية التي نسجنها وطرزنها استعداداً لهذا اليوم المقدس وقبل أن يحل بزمن طويل. وترى الأضحية تمشي لتلاقي مصيرها وهي صابرة كالأثوار أو غاضبة عارفة بما ينتظرها من بلاء، وعذارى الطبقات الراقية يأتين بآنية الطقوس والتضحية، وموسيقيين يعزفن على القيثارات أناشيد خالدة لا تسمع لها نغماً. وقلما نرى حيوانات أو أناس قد بذل في تكريمها من الفن مثل ما بذل في هذه النقوش، فقد استطاع المَثالون بما رسموا وظللوا فيما لا يزيد على بوصتين ونصف بوصة من النقش البارز أن يخدعوا العين فيخيل إليها أن جواداً أو فارساً بعيداً عن الآخر، ن وإن كان أقربها لا يرتفع عن خلفية الصورة أكثر من سائر النقوس (٥١). ولربما كان من الخطأ أن يكون هذا النقش البديع عالياً لا يستطيع الناظر إليه أن يتأمله في يسر وراحة ويستوعب كل ما فيه من رونق وجمال، وما من شك في أن فدياس كان يعتذر عن هذا وهو يغمز بعينيه بحجة أن الآلهة كانت تستطيع رؤيته، ولكن الآلهة كانت تحتضر وهو ينقش هذه النقوش.