للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى مثيله، وبهذه الطريقة وجدت الكواكب والنجوم (١٦)، والأشياء جميعها بما فيها النفس البشرية مكونة من جواهر فردية (ذرات).

وكان دمقريطس تلميذ لوقيبوس أو زميله في تحويل فلسفة الجوهر الفرد إلى نظرية مادية كاملة. وكان والده من ذوي المكانة الملحوظة والثراء العظيم في أثينة (١٧)، ويقال إنه ورث منه مائة وزنة من المال (٠٠٠ ر ٨٠٠ ريال أمريكي) أنفق معظمها في الأسفار (١٨). وتقول بعض الروايات التي لا نجد ما يؤيدها إنه سافر إلى مصر وبلاد الحبشة وبابل وفارس والهند (١٩)، ويقول هو نفسه في ذلك: "لقد طفت بين معاصري في أكبر جزء من الأرض للبحث عن أبعد الأشياء، ورأيت أكثر الجواء والأقطار، وسمعت إلى أكبر عدد من المفكرين" (١). وأقام في بؤوتية الطيبية زمناً يكفي لتشبعه بنظرية فيلولوس في الذرية العددية (٢٢)، ولما فرغت منه نقوده لجأ إلى الفلسفة، واخشوشن في معيشته، ووجه جهوده كلها إلى الدرس والتفكير، وقال: "إن الكشف عن برهان واحد (في الهندسة) خير لي من الحصول على عرش فارس" (٢٣). وكان على شيء من التواضع لأنه كان يبتعد عن الجدل والنقاش، ولم يوجد مدرسة خاصة، وأقام في أثينة من غير أن يتعرف إلى أحد من فلاسفتها (٢٤). وقد ذكر ديوجين ليرتيوس Diogenese Laertius (ديوجانس) ثبتاً طويلاً من كتبه في علوم الرياضة والطبيعة والفلك والملاحة، والجغرافية، والتشريح، ووظائف الأعضاء، وعلم النفس، والعلاج النفساني، والطب، والفلسفة، والموسيقى (٢٥). ويسميه ثراسيلس Thrasyllus صاحب التمارين الخمسة في الفلسفة، ويطلق عليه بعض معاصريه اسم الحكمة (Sophia) نفسها (٢٦). وقد بلغت معارفه من السعة والتعدد ما بلغته معارف أرسطاطاليس


(١) ومن أقواله: "إن الأرض كلها وطن للرجل الحكيم الصالح".