شيء ما" (١٦٠). وكان منهم الشاب ألقبيادس المتهور الجريء الذي أساء بعدم وفائه إلى معلمه، وعرضه للأخطار في مستقبل الأيام، ولكنه كان في الوقت الذي نتحدث عنه يحب سقراط ويهيم به هيام الواله المتيم، والذي يقول فيه:
"إنا إذا سمعنا متحدثاً غيرك، وإن كان من أحسن الناس حديثاً، لم يكن لألفاظه أثر قط إذا قورنت بألفاظك، أما نتف ألفاظك أنت يا سقراط، ولو لم نسمعها منك أنت بل نقلت إلينا عنك مهما أخطأ فيها الناقلون، أما هذه النتف فإنها تخلب الألباب وتستحوذ على نفس كل رجل أو امرأة وكل طفل يستمع إليها … وإني لأعرف أني إذا لم أصم أذني عن سماع أقواله وأفر من صوته الذي يسلب العقل للازمته حتى بلغ سن الشيخوخة وبقيت جالساً تحت قدميه … ولقد أحسست في نفسي أو قلبي … بذلك الألم الشديد الذي هو أشد إيلاماً لنفس الشاب الشريف من أنياب الأفاعي ألا وهو ألم الفلسفة … وأنت يا فيدروس وأنت يا أغاثون، وأنت يا إركسماكوس، وأنت يا بوزنياس، وأنت يا أرسطوديموس وأنت يا أرسطوفان، أنتم كلكم، ولا حاجة لي بأن أضم إليكم سقراط نفسه، قد طافت بكم هذه التجربة نفسها وشغفتم بالفلسفة شغفي أنا بها" (١٦١).
وكان منهم الزعيم الألجركي كرتياس الذي كان يستمتع بتهكم سقراط على الديمقراطية والذي كانت له يد في إدانته بأن كتب مسرحية وصف فيها الآلهة بأنها من ابتداع مهرة الصناع الذين يستخدمونها كما يستخدم خفراء الليل ليرهبوا بها الناس ويرغموهم على حسن الأدب (١٦٢). وكان منهم أيضاً ابن الزعيم الدمقراطي أنيتوس Anytus وهو شاب آثر أن يستمع إلى حديث سقراط عن العناية بعمله وهو الاتجار في الجلود. وشكا أنيتوس من أن سقراط قد أفسد عقل الغلام بما بث فيه من تشكك، فلم يعد يبجل أبويه أو يعظم الآلهة؛