للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكانت الحاجة ماسة إلى رجل بهذه الهمة ليصوغ المسرحية اليونانية في صورتها النهائية؛ فقد كان إسكلس هو الذي أضاف ممثلاً ثانياً إلى الممثل الأول الذي أخرجه ثسبيس من بين فرقة المغنين، وأتم بذلك نقل الترتيلات الديونيشية من قصيدة دينية غنائية إلى مسرحية (١)، وكتب سبعين (ويقول بعضهم تسعين) مسرحية، لم يبق منها إلا سبع. وليست الثلاث الأولى من هذه المسرحيات ذات شأن كبير (٢)؛ وأشهرها كلها مسرحية بروميثيوس المقيد وأعظمها هي التي تتكون منها مسرحية أورستيا الثلاثية.

وقد تكون مسرحية بروميثيوس المقيد هي الأخرى جزءاً من مسرحية ثلاثية وإن لم نجد مؤرخاً قديماً يؤيد هذا الظن. فنحن نسمع عن مسرحية دينية تدعى بروميثيوس جالب النار، ولكنها كانت تمثل مستقلة عن مسرحية بروميثيوس المقيد في مجموعة أخرى من المسرحيات (٤١). ولدينا قطع صغيرة باقية من مسرحية بروميثيوس الطليق من تأليف إسكلس؛ وتكاد هذه القطع أن تكون خالية من المعاني، ولكن العلماء الحريصين يؤكدون لن أننا لو حصلنا على نص المسرحية كاملاً لوجدنا إسكلس يجيب إجابة مقنعة عن جميع الضلالات التي تُنطق بها المسرحية الحالية بطلها. وحتى لو أخذنا بهذا الرأي فإنا لا يسعنا إلا أن نعجب كيف يطيق النظارة الأثينيون الاستماع إلى تجديف هذا الجبار في حق


(١) لم يكن عدد الممثلين في مسرحيات إسكلس يزيد على اثنين، ولكن الأدوار التي يمثلانها في أية مسرحية لم يكن يحددها إلا أن شخصيتين من أشخاص المسرحية لا أكثر يمكن أن يظهرا على المسرح في وقت واحد. وكان رئيس فرقة المرتلين يعمل أحياناً ممثلاً ثالثاً، ولم يكن صغار الشخصيات كالخدم والجند وأمثالهم يعدون من الممثلين.
(٢) ومسرحية "المرأة المبتهلة" ضئيلة الشأن، وللمرتلين فيها المكانة العليا. ومثل هذا يقال عن مسرحيات "المرأة الفارسية" فهي غنائية قبل كل شيء، وتصف وصفاً واضحاً معركة سلاميس. أما "سبعة ضد طيبة" فكانت القسم الثالث من مسرحية ثلاثية تروي قصة الملك لايوس Lauis وزوجته الملكة جوكستا Jocasta، وكيف قتل ابنهما أوديب أباه وتزوج أمه، ثم تصف النزاع الذي قام بين أبناء أوديب من أجل عرش طيبة.