بروميثيوس، ويندم هذا على فعلته ويصطلح مع زيوس القادر على كل شيء، ويضع في إصبعه الخاتم الحديدي رمز الضرورة.
وفي هذه المسرحية الثلاثية القوية يكرر إسكلس موضوع المسرحيات اليونانية - وهو كفاح الإرادة البشرية ضد القدر المحتوم - وموضوع حياة بلاد اليونان في القرن الخامس - وهو الصراع بين الفكر الثائر والإيمان التقليدي. والنتيجة التي يستخلصها نتيجة غير صريحة، ولكنه يدرك قضية الثائر ويحبوها بعطفه كله؛ ولسنا نجد حتى في مسرحيات يوربديز مثل ما نجده هنا من النظرة الانتقادية لرب أولمبس، وما أشبه هذه المسرحية بالفردوس المفقود يحتل فيها الملك الساقط مكان بطل القصة رغم ما يتصف به الشاعر من تقى وصلاح. والراجح أن ملتن كان كثيراً ما يذكر بروميثيوس وهو يؤلف الخطب البليغة التي ينطق بها الشيطان. وكان جوته مولعاً بهذه المسرحية، واتخذ بروميثيوس أداة يعبر بها عن نزعة الشباب الجامح؛ أما بيرن فقد اتخذه نموذجاً ينسج على منواله طول حياته؛ وأعاد شلي Shelley، وهو الذي كان على الدوام هدفاً لنوب الدهر، القصة إلى الحياة في قصيدته المشهورة بروميثيوس الطليق التي لا يخضع فيها الجبار الثائر قط. وتنطوي هذه الخرافة على عدد كبير من الاستعارات والتشبيهات: منها أن العذاب هو ثمرة شجرة المعرفة، ومنها أن معرفة المستقبل تحطم قلب الإنسان كمداً؛ وأن العذاب والصلب هما جزاء المخلص على الدوام؛ وأن الإنسان مضطر في آخر الأمر أن يرضى بالقيود Man Muss Enstagen، وأن عليه أن يحقق غايته داخل نطاق طبيعة الأشياء. وذلك لعمري موضوع جليل، يمكن إسكلس بفضل لغته الجزلة من أن يجعل من بروميثيوس مأساة من الطراز العظيم". ولم نر قط الكفاح بين العلم والخرافة، أو بين الاستنارة والجهل، أو بين العبقرية والتحكم، قد صور بأقوى مما صور به هنا، أو سما في الرمزية أو في الصراحة إلى أسمى مما سما به في هذه المأساة. ويقول شلجل