طروادة أخذ إيجسثس يغازل زوجته الحزينة، فمالت له وائتمرت معه على قتل الملك. ومن هذه النقطة يبدأ إسكلس قصته.
وجاءت الأنباء إلى أرجوس بأن الحرب قد وضعت أوزارها، ونزل أجممنون الفخور على شواطئ البلوبونيز "مسربلاً بدروع من الصلب وترتعد الجيوش فرقاً إذا غضب"، واقترب من ميسيني، ويظهر جماعة من الكبراء أمام قصر الملك وينشدون نشيداً يعيد إلى الأذهان تضحية أجممنون بإفجينيا.
"وتسلح على مهل بما لا بد من التسلح به، وتحركت في صدره ريح عجيبة هزته هزاً، ريح من الأفكار السود، نجسة، دنسة؛ فقام وقد امتلأ قلبه جرأة، لأن الناس تقوى قلوبهم إذا عميت بصائرهم؛ وهم بتنفيذ رغبته الدنيئة التي أورثته الحزن فيما بعد؛ بل إنها هي الحزن بعينه. وهكذا تحجر قلب هذا الرجل فقتل ابنته لكي يستطيع بهذا القتل أن يثأر لنفسه من ضحكة ضحكتها امرأة وأن يعين سفائنه على السير …
"وألقت بقميصها الزعفراني اللون على الأرض بقوة وغضب مكبوت لم تنطق به؛ ونفذت في قلب كل رجل من أولئك الرجال المحاربين القتلة سهام الرأفة التي أطلقتها الفتاة من عينيها، وارتسمت في عقولهم صورة وجه يحاول بقوة ما أعجبها أن يستدر الرحمة من القلوب، وجه الفتاة الصغيرة التي كانت ترقص إلى جانب سفينة أبيها. ولم يؤثر ذلك الصوت البريء في قلب الأب حين انضم إلى صوته بعد أن صبت الكأس الثالثة" (٤٧).
ويدخل رسول أجممنون ليعلن قدوم الملك. ويدرك إسكلس بخياله الرقيق ما يهتز به قلب الجندي البسيط من نشوة السرور وهو يطأ بقدمه أرض بلاده بعد غيابه الطويل؛ فينطق الجندي بقوله: "إني الآن مستعد للموت إذا أراد الله أن أموت". ويصف الجندي لفرقة المرتلين أهوال الحرب وأقذارها،