للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

غادره، وذهب إلى مكان أروح من المنزل وأحب منه إلى قلبه؛ أما هي فقد كتب عليها البقاء حيث هي، لا تقع عيناها إلا على نفس واحدة. ثم يقولون بعدئذ إنهم هم الذين يلبون نداء الحرب، على حين أننا نجلس في عقر دورنا وفي حمايتها بعيدات عن كل خطر! إن هذا لسخرية وبهتان! ولأن أنزل ثلاث مرات إلى ميدان القتال، أخوض المعارك وترسي في يدي لأحب إليَّ من أن أحمل طفلاً واحداً (٨٦).

ثم تتبع هذه القصة انتقامها الرهيب، فترسل إلى منافستها مجموعة من الأثواب الثمينة متظاهرة بأنها تريد بذلك أن تسترضيها. وتلبس الأميرة الكورنثية أحد هذه الأثواب فتحترق بالنار؛ ويحاول كريون أن ينجيها فيحترق هو أيضاً ويموت. وتقتل ميديا أطفالها، وتخرج بجثثهم على مرأى من جيسن، وتنشد فرقة المرتلين هذه الخاتمة الفلسفية:

"لزيوس في السماء ردهات ملأى بالكنوز يفرق منها على بني الإنسان مصائرهم القريبة من خير وشر لم يكونوا يرجونه أو يرهبونه. فأما الغاية التي كانوا يتطلعون إليها فلا ينالونها؛ فهناك طريق لم يفكر أحد فيه! ذلك ما حدث في هذا المكان".

وتدور سائر المسرحيات في الغالب حول قصة طروادة. ففي مسرحية هلن نرى القصة كما رواها استسكورس Stesichorus وهيرودوت (٨٧)؛ فملكة إسبارطة حسب هذه الرواية لا تفر مع باريس إلى طروادة، بل تنقل رغم إرادتها إلى مصر، حيث تنتظر مجيء زوجها دون أن يعتدي أحد على عفافها؛ ويقول يوربديز إن بلاد اليونان كلها قد خدعتها خرافة هلن في طروادة. وفي مسرحية إفجينيا في أوليس يغمر يوربديز قصة تضحية أجممنون بفيض من العواطف لم تعهد من قبل في المسرحيات اليونانية، وبطائفة من أشنع الجرائم التي دفع الناسَ إليها دينُهم القديم. وكان إسكلس وسفكليز قد كتبا أيضاً في هذا الموضوع، ولكن