الجديد لعله يسمح لها أن تربي استياناكاس، حتى يستطيع في يوم من الأيام أن يعيد بيت بريام ومجد طروادة. غير أن اليونان كانوا قد فكروا هم أيضاً في هذا، ويقبل تلثبيوس ليعلن أن استياناكاس لابد أن يموت:"لقد قرروا أن يلقي ولدك من فوق سور طروادة العالي ذي الأبراج". وينتزع الطفل من بين ذراعي أمه، وتتشبث به أندرمكي إلى آخر لحظة وتودعه وداعاً حاراً وعقلها مشتت مضطرب:
الق الموت يا أحب الناس إليّ وأعزهم عليّ، بأيدي رجال قساة غلاظ الكباد، واتركني وحيدة في هذا المكان؛ لقد كان أبوك شجاعاً مقداماً، ومن أجل هذا يقتلونك … ولا تجد من يرحمك! … ألا أيها المخلوق الصغير الذي تتلوى بين ذراعي، ما أزكى هذه الرائحة التي تنبعث من حول عنقك! أيها الحبيب أعبثاً ضمك هذا الصدر وغذاك، وهل إلى غير غاية قضيت الليالي قلقة أسهر عليك في مرضك حتى أضناني السهر؟ قبلني قبلة واحدة لن تتكرر بعد ذلك أبداً. امدد ذراعيك وارفع نفسك حول عنقي، قبلني الآن وضع شفتيك فوق شفتي … آه أيها اليونان الظرفاء، لقد عثرتم على نوع من العذاب لم يعرف مثله الشرق من قبل! … أسرعوا خذوه، جروه، ألقوه من فوق الأسوار، إن كنتم تريدون أن تلقوه من فوقها! مزقوه أيها الوحوش، عجلوا! لقد خارت عزيمتي فلست أقوى على رفع يدي لأنجي طفل من الهلاك.
ثم تأخذ في الهذيان، ويغشي عليها، ويخرج بها الجند، وحينئذ يظهر منلوس، ويأمر جنوده أن يأتوا بهلن، وكان قد أقسم ليقتلنها، وترتاح هكيبا حين تفكر أن هلن ستلقى آخر الأمر جزاءها:
أباركك يا منلوس، أباركك إن أنت قتلتها! ولكن حذار أن تنظر إلى وجهها لئلا تأسرك فتخر صريعاً!.
وتدخل هلن، لم يمسسها أحد بسوء. ولا تخش أن تمس بسوء، تزهو إذ تشعر بأنها جميلة.