للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هكيبا: هل أتيت الآن مزدانة الصدر والجبين، وهل تتنفسين مع سيدك ما يتنفسه من هواء، أنت يا ذات القلب الخبيث، فليطأطأ رأسك، ولينفش شعرك، ولتمزق أثوابك، فلن يكون من تحتها شيء يرفع من شأنك، بل سيكون من داخلها ما يجللك العار لما ارتكبت من الآثام. كن صادق العزم أيها الملك، وضع على جبين هلاس تاج العدالة؛ اقتل هذه المرأة …

منلوس: صه، أيها العجوز صه … (ثم يلتفت إلى الجند):

أعدوا لها سفينة كبيرة متعددة الحجرات تجوب فيها البحار ....

هكيبا: إن من أحب مرة سيظل محباً على الدوام.

وحين تخرج هلن ويخرج منلوس يعود تلثبيوس يحمل جثة أستياناكس القتيل!.

تلثبيوس: لقد سحرت أندرمكي … هذه الدموع في عيني وهي تبكي بلادها من وراء البحار. لقد نظرت إلينا، وأخذت تتحدث إلى قبر هكتور، وترجو أياً كان ما نفعله به ألا نغفل المراسم المرعية في دفن هذا الطفل … وأمرتني أن ألفه في أربطة الموت وأثوابه وأن أضعه بين يديك … (تأخذ هكيبا الطفل).

هكيبا: آه! أي موت لاقيت أيها الصغير! … أيها الذراعان الرقيقان. إن صورتكما العزيزة لهي بعينها صورة ذراعيه … ويا أيتها الشفتان اللتان يشع منهما الكبرياء، لقد انطبقتما إلى أبد الدهر! ماذا كانت تلك الكلمات الكاذبة التي نطقت بها وأنت تحبو إلى فراشي؟ لقد ناديتني بأسماء رقيقة وقلت لي: أي جدتي، سأقص شعري حين تموتين وأركب على رأس القواد إلى قبرك". لم خدعتني هذا الخداع؟ وهاأنذا، العجوز، الطريدة، الثكلى، أبكيك بالدمع الغزير، أبكي طفولتك وأبكي ميتتك التعسة. أي إلهي! وأبكي خطاك حين تجيء لترحب بي، وأبكي جلوسك في حجري، وأبكي رقادنا معاً! لقد ذهب كل هذا ولن يعود. وكيف يستطيع شاعر أن ينحت شاهد قبرك ليقص قصتك صادقة؟