وهو لا يعترف بوجود أرستقراطية طبيعية، ويرى أن البيئة لا الوراثة هي التي تخلق الرجال. والأرقاء في مسرحياته يضطلعون بأدوار هامة، وكثيراً ما ينطقون بأجمل أشعاره. وهو حين يبحث حال النساء يعطف عليهن عطف الشاعر الواسع الخيال؛ فهو يعرف أغلاطهن ويعرضها عرضاً واقعياً جعل أرسطوفان يتهمه بأنه يكره النساء؛ ولكنه في الحقيقة قد عرض قضية المرأة أحسن مما عرضها أي شاعر قديم آخر أيد حركة تحريرها التي كانت وقتئذ في بداية عهدها. وتكاد بعض مسرحياته أن تكون حديثة الطابع، تحتوي على دراسات في مشاكل الجنس البشري كالدراسات التي نشأت بعد أيام إبسن Ibsen بل إنها تحتوي على دراسات في الشذوذ الجنسي نفسه (١١٠). وهو يصف الرجال وصفاً واقعياً، أما النساء فوصفه إياهن ينطوي على كثير من الشهامة، وتنال ميديا الرهيبة من عطفه أكثر مما يناله جبسن البطل غير الوفي؛ وهو أول كاتب مسرحي جعل المسرحية تدور حول الحب؛ حتى لقد كان آلاف من شباب اليونان يتغنون بأغنيته إلى إيروس إله الحب في مسرحية إندرمدا التي لم تصل إلينا:
"أيها الحب، إلهنا، ملك الآلهة والبشر! هلا امتنعت عن تعليمنا ما هو الحب؟ أو ساعدت المحبين المساكين، الذين تشكلهم كما تشكل الطين، كي يصلوا بكدحهم وجدهم إلى غاية موفقة سعيدة"(١١١).
ويوربديز بطبيعته متشائم، لأن كل من يروي قصص الحب يصبح متشائماً حين تصطدم الحقيقة بالخيال، وفي ذلك يقول هوراس وولبول Horaces Walpole " إن الحياة مسلاة عند من يفكرون، ومأساة عند من يحسون"(١١٢): ويقول شاعرنا:
لقد نظرت من أمد بعيد إلى حياة الإنسان فلم أجد إلا خيالاً أشمط. وفي وسعي أن أؤكد أيضاً أن الذين يعدون من بين الناس حكماء، شديدي الذكاء، مبتدعين لأعظم الخطط، يجزون على هذا شر الجزاء. وهل