أن واجبهم يقضي عليهم بأن يحموا الدين والأخلاق من سهام تشككه، اقتصر هؤلاء القضاة على تتويج خمس من مسرحياته بتاج النصر. ولقد كان الأركون المشرف على شئون الدين سخياً غاية السخاء حين قبل هذا العدد من مسرحيات يوربديز ضمن المسرحيات التي يجيز تمثيلها الدين. وكان المحافظون على اختلاف نزعاتهم يلقون عليه هو وسقراط تبعة انتشار نزعة الكفر بالآلهة بين شباب أثينة. وحاربه أرسطوفان من بادئ الأمر في مسرحية الأركانيين، وهجاه وصوره تصويراً هزلياً مرحاً في مسرحية الشموفريازوسي؛ وفي السنة التالية لموت الشاعر واصل هجومه عليه في مسرحية الضفادع. على أنه يقال لنا رغم هذا إن الكاتبين كاتب المآسي وكاتب المسالي، ظلا صديقين إلى النهاية (١٢٠). أما النظارة فكانوا ينددون بإلحاده ويهرعون إلى مشاهدة مسرحياته. ولما أن نطق الصياد الشاب في السطر ٦١٢ من مسرحية هبوليتس بقوله "لقد أقسم لساني، ولكن عقلي لا يزال طليقاً" احتج الجمهور احتجاجاً قوياً على ما ظنه انتهاكاً شديداً لحرمة الآداب والدين حتى اضطر يوربديز أن يقف في مكانه ويهدئ ثائرتهم بأن يؤكد لهم أن هبوليتس سيجزى على قوله هذا الجزاء الأوفى قبل انتهاء القصة - وهو وعد مأمون العاقبة يكاد يصدق على كل شخصية في المأساة اليونانية.
ووجهت إليه حوالي عام ٤١٠ تهمة المروق من الدين، ولم يمض بعدئذ إلا قليل من الوقت حتى وجه إليه هجيانون Hygianon تهمة أخرى، تتصل بالجزء الأكبر من ثروته، واستدل على خيانة يوربديز بالبيت الذي نطق به هبوليتس. وبرئ الشاعر من التهمتين، ولكن موجة السخط التي قوبلت بها مسرحية المرأة الطروادية أشعرت يوربديز أنه لم يكد يبقى له صديق واحد في أثينة. ويقال إن زوجته نفسها قد انقلبت عليه لأنه لم