من العقاب السياسي الصارم، فلم يجد أرسطوفان بداً من أن يمثل بنفسه هذا الدور وفي هذه المسرحية يعلن نيشياس Nicias (وهو اسم الزعيم المحترف رئيس الحزب الألجركي) أن الوحي أنبأه بأن الحاكم الثاني الذي سيتولى الأمر في بيت ديموس سيكون بائع وزم. ويُقْبل هذا البائع الدوار ويحييه العبيد ويلقبونه "زعيم المستقبل في أثينتنا المجيدة! " ويخاطبه بائع الوزم بقوله: "أرجو أن تسمح لي بأن أذهب لأغسل سقطي … إنك تسخر مني". ولكن رجلاً يدعى دمستين يؤكد له أنه يتصف بالصفات التي تؤهله لأن يحكم الشعب- أليس هو وغداً منحطاً، مجرداً من العلم على اختلاف أنواعه؟ ويخشى الدباغ أن يفقد مركزه فيؤكد ولاءه لديموس واستعداده لخدمته، ويقول إن أحداً غيره لم يخدم ديموس كما خدمه هو إلا العاهرات. وتحوى المسرحية المجون الذي اعتاده أرسطوفان: فالوزام يضرب الدباغ بالسقط ويستعد لمباراة خطابية في الجمعية بأكل مقدار من الثوم؛ ويعقب هذا تنافس في الملق والدهان ليعرف مَن من المتنافسين يستطيع أن يسرف في مديح ديموس أكثر من سواه، فيكون بذلك "أكثر استحقاقاً لرضاء ديموس وبطنه". ويحضر المتنافسون قدراً عظيماً من الطيبات، يبسطونها أمام ديموس قبل الانتخاب لتكون وعداً منهم بما سوف يقدمونه له بعدها. ويقترح الوزام أن يختبر شرفهم وأمانتهم بأن تفتش خزانة كل مرشح، فيعثر في خزانة الدباغ على كومة من المأكولات الشهية الطرية، أهمها كعكة ضخمة لم يقطع منها لديموس إلا قطعة جد صغيرة (وكان ذلك إشارة إلى تهمة رائجة في ذلك الوقت تقول إن كليون قد سرق قدراً كبيراً من أموال الدولة). وعلى أثر هذا يفصل الدباغ من عمله ويصبح الوزام حاكم بيت ديموس.
وتواصل مسرحية الزنابير السخرية من الديمقراطية سخرية أخف من السخرية السابقة. ففيها يظهر جماعة من المواطنين المتعطلين - على هيئة زنابير - يسعون إلى كسب أبلة أو أبلتين في كل يوم بأن يكونوا قضاة، حتى