يستطيعوا بالاستماع إلى "المنزلفين" وجباية الضرائب الباهظة أن يستولوا على أموال الأغنياء ويضعوها في خزانة الدولة وفي جيوب الفقراء.
ولكن أكثر ما يهتم به أرسطوفان في هذه المسرحيات الأولى هو السخرية من الحرب والدعوة إلى السلم. فبطل مسرحية الأكارنيين (٤٢٥) رجل يسمى دسيوبوليس Dicaeopoles " المواطن الشريف" وهو مزارع يشكو من أن الجيوش قد أتلفت أرضه حتى لم يعد يستطيع العيش بعصر النبيذ من كرومه. وهو لا يجد ما يدعو إلى الحرب، ويؤمن بأنه ليس بينه وبين الإسبارطيين سبب للخصام. ويطول انتظاره لأن يعقد القواد والسياسيين الصلح، فيوقع هو معاهدة شخصية مع اللسديمونيين، ويشهر به جماعة من جيرانه الوطنيين دعاة الحرب فيجبهم بقوله:
أني أشك كثيراً هل الإسبارطيون هم الملومون وحدهم في جميع الأحوال.
الجيران: أتقول إنهم غير ملومين في جميع الأحوال؟ يا لك من وغد أفاق! كيف تجرؤ على النطق بهذه الخيانة الوطنية أمامنا، ثم تظن أنك ستنجو منا؟
ويوافق على أن يسمح لهم بقتله إذا عجز عن البرهنة على أن أثينة يقع عليها من اللوم في إشعال نار الحرب بقدر ما يقع على إسبارطة. ويوضع رأسه على وضم، ويبدأ في الإدلاء بحجته. وفي هذه اللحظة يدخل قائد أثيني، مهزوم، متبجح، منتهك لحرمة الآلهة، يشمئز منه الحاضرون، فيخلو سبيل ديسيوبوليس، ويدخل السرور على قلب كل إنسان بأن يبيع لهم خمراً يسمى السلم. وكانت المسرحية غاية في الجرأة ولا يجيزها إلا شعب تعود أن يستمع إلى ما يقال ضده. وقد استفاد أرسطوفان من عادة الاستطراد التي كانت تجيز لكاتب المسلاة أن يخاطب النظارة على لسان فرقة المنشدين أو إحدى شخصيات المسرحية، فأخذ يشرح للجمهور الغرض الذي يهدف له بوصفه رجلاً دواراً فكهاً بين الأثينيين ينقب عن عيوبهم ويكشفها لهم.
"لم يعمد شاعرنا منذ كتب المسالي إلى إطراء نفسه على المسرح … ولكنه