للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة من ذلك الوقت على هذه الفترة من فترات الحرية كما قضت من قبل على فترة أخرى مماثلة لها على يد جيلون الأول. وفي عام ٤٠٩ غزا القرطاجيون صقلية بأسطول ضخم مؤلف من ألف وخمسمائة سفينة وعشرين ألف رجل بقيادة هنيبال حفيد هملكار؛ وذلك بعد أن ظلوا ثلاثة أجيال محتفظين بذكرى هزيمة هملكار في هيميرا Himera. وحاصر هنيبال سلينس وكانت قد جنحت إلى السلم بعد أن عمها الرخاء، وأهملت معاقلها فلم تصلح شأنها. فلما أن باغت العدو المدينة استغاثت بأقراغاس وسرقوصة؛ وتباطأ أهلها المنعمون في إغاثتها تباطؤ الإسبارطيين، حتى استولى العدو على سلينس، وذبح كل من بقي حياً من أهلها وقطع أوصالهم، وأصبحت المدينة جزءاً من الإمبراطورية القرطاجية. وواصل هنيبال زحفه على هيميرا، واستولى عليها دون عناء، وعذّب وقتل ثلاثة آلاف من أهلها، ليرضي بذلك شبح جده المهزوم. ثم فشا الطاعون بين جنوده فأهلك أكثرهم، ومات به هنيبال نفسه في أثناء حصار أقراغاس، غير أن القائد الذي خلفه سكّن غضب آلهة قرطاجة بأن حرق ابنه حياً زلفى لهذه الآلهة. واستولى القرطاجيون على المدينة، وعلى جيلا Gela وكمرينا Camarina وزحفوا على سرقوصة. وبوغت السرقوصيون وهو منهمكون في ولائمهم، فأسلموا زمام السلطة المطلقة لديونيشس أعظم قائد في بلدهم، ولكن ديونيشس عقد الصلح مع القرطاجيين وترك لهم القسم الجنوبي من صقلية بأجمعه واستخدم جنوده في إقامة الدكتاتورية ثانية (٤٠٥). ولم يكن ذلك كله غدراً منه وخيانة لبلاده، فقد كان يعرف أن المقاومة غير مجدية، فنزل للعدو عن كل شيء عدا مدينته وجيشه، واعتزم أن ينهض بالمدينة والجيش حتى يستطيع أن يفعل ما فعله جيلون من قبله فيطرد الغزاة من صقلية.