في الأموال العامة؛ وإذا كان قد استخدم أموال الدولة كما يبدو في إرشاء ملوك إسبارطة لعقد الصلح، فقد عجز من أن يقدم حساباً مقنعاً عما تصرف فيه من الأموال؛ وثبتت عليه التهمة، وأخرج من منصبه، وفرضت عليه غرامة باهظة مقدارها خمسون وزنة (٠٠٠ ر ٣٠٠ ريال أمريكي). وفي ذلك الوقت عينه أو حواليه ماتت أخته ومات اثنان من أبنائه الشرعيين بالوباء. لكن الأثينيين لم يجدوا لهم زعيماً يخلفه فأعادوه إلى منصبه (٤٢٩)؛ وأرادوا أن يظهروا تقديرهم له وعطفهم عليه في محنته، فخرقوا قانوناً كان هو واضعه، ومنحوا ابناً له من اسبازيا حقوق المواطنية الأثينية. ولكن الأثيني الطاعن في السن كان هو نفسه قد أصيب بالوباء، ووهنت قواه يوماً بعد يوم ومات بعد بضعة أشهر من عودته إلى منصبه. ولقد وصلت أثينة في عهده إلى ذروة مجدها، وصلت إليها بفضل الثروة التي أفاءها عليها حلف كاره من جهة، وبفضل القوة التي أوغرت عليها صدور الدول جميعاً من جهة أخرى، ولهذا فإن القواعد التي رست عليها دعائم العصر الذهبي لم تكن سليمة، وكان لا بد أن تتقوض حين عجزت السياسة الأثينية عن تسيير دفة الحكم في زمن السلم.
ولعل أثينة، كما يشير توكيديدز، كانت تستطيع أن تظفر بالنصر رغم هذا العجز، لو أنها ظلت تسير على خطة فابيوس Fabius التي وضعها بركليز. ولكن خلفاءه تعجلوا في تنفيذ منهاج كان يتطلب كثيراً من ضبط النفس. فقد كان زعماء الحزب الديمقراطي الجدد تجاراً من نمط كليون تاجر الجلود، ويكراتيز Eucrates بائع الحبال، وهيبربولس Hyperbolus صانع المصابيح. وكان هؤلاء الرجال يدعون إلى مواصلة الحرب في البر والبحر، وكان كليون أقدرهم جميعاً وأعظمهم كفايةً، وأفصحهم لساناً، وأكثرهم استهتاراً بالمبادئ الأخلاقية، وأشدهم فساداً. ويصفه بلوتارخ بأنه "أول خطيب من الأثينيين خلع رداءه وضرب على فخذه وهو يخاطب الجماهير"(١٢)؛ ويقول أرسطاطاليس إن كليون كان شديد الحرص على الظهور على المنصة في ثياب العمال (١٣). وكان على رأس