عدد كبير من الزعماء الشعبيين حكموا أثينة منذ مات بركليز إلى أن فقد الأثينيون استقلالهم يوم قيرونة Chaeronea (٣٣٥) .
وأثبت كليون كفايته عام ٤٢٥ حين حاصر الأسطول الأثيني جيشاً إسبارطياً في جزيرة اسفكتيريا Sphacteria القريبة من بيلس Pulus المسينية. ولاح أنه لا يوجد قائد بحري يستطيع الاستيلاء على الحصن، فلما أن عهدت الجمعية إلى كليون الإشراف على الحصار (وكانت ترجو بعض الرجاء أن يقتل في الهجوم عليه)، أدهش الناس كلهم بتوجيه الهجوم بمهارة وشجاعة أجبرتا اللسدمونيين على الاستسلام على غير عادتهم. وأذل هذا الاستسلام إسبارطة فطلبت الصلح والتحالف مع أثينة نظير الإفراج عن أسراها، ولكن كليون استطاع بفصاحته الخطابية أن يقنع الجمعية بأن ترفض هذا العرض وأن تواصل الحرب. وقويت سيطرته على الجماهير بعد أن عرض على الجمعية اقتراحاً أجازته من فورها يعفي الأثينيين فيما بعد من أداء الضرائب التي تتطلبها مواصلة الحرب، على أن يؤخذ ما يلزمها من المال بزيادة الخراج الذي تؤديه المدن الداخلة في نطاق الإمبراطورية (٤٢٤). وكانت السياسة التي يسير عليها كليون في هذه المدن، كالسياسة التي يسير عليها في أثينة، هي أن يستولي من الأغنياء على أكبر قدر يجده عندهم من المال. ولما أن ثارت الطبقات العليا في متليني، ونبذت الحكم الديمقراطي، وأعلنت تحرر لسيوس من ولائها لأثينة (٤٢٩)، اقترح كليون أن يقتل جميع الذكور البالغين من سكان المدينة العاصية. ووافقت الجمعية على هذا الاقتراح - ولعل الذين حضروا هذه الجلسة لم يكونوا سوى العدد القانوني الذي يصح أن تعقد بحضوره - وأرسلت سفينة تحمل أوامره بتنفيذه إلى باكيز Paches القائد الأثيني الذي قمع الثورة. ولما أن ذاع نبأ هذا الأمر الوحشي في أثينة، دعا العقلاء المعتدلون إلى عقد اجتماع ثان للجمعية، واستصدروا منها قراراً بإلغاء القرار السابق، وأرسلوا سفينة أخرى أدركت باكيز قبيل تنفيذ أمر