حصارها، وفي عام ٣٤٧ استولى على أولنثس بعد حرب طويلة أستعين فيها بضروب كثيرة من البسالة والخداع. وتمت بهذه الأعمال السيطرة على الشاطئ الأوربي لبحر إيجة الشمالي، ودخل خزائنه في كل عام ألف وزنة من مناجم تراقية (٥٣)، واستطاع أن يوجه تفكيره نحو اكتساب معونة بلاد اليونان.
وكان فليب قد حصل على المال الذي أنفقه في حروبه ببيع آلاف من الأسرى في أسواق الرقيق، وكان من بينهم كثيرون من الأثينيين، فنفرت منه قلوب الهلينيين. وكان من حسن حظه أن المدن اليونانية كانت في خلال هذه السنين تنهك قواها في "حرب مقدسة" ثانية (٣٥٦ - ٣٤٦) سببها انتهاب الفوسيين كنوز دلفي. وأيد الإسبارطيون والأثينيون الفوسيين، وحاربت العصبة الأمفكتيونية: بؤوتية، والكريس، ودوريس، وتساليا، ضدهم. ولما دارت الدائرة على هذه العصبة استغاث مجلسها بفليب، ووجد الفرصة ملائمة له فجاء مسرعاً مخترقاً الطرق الجبلية المفتوحة أمامه، وأخذ الفوسيين على غرة (٣٤٦)، وضُم إلى الحلف الأمفكتيوني الدلفي، ونودي به حامياً للضريح المقدس، وقبل الدعوة التي وجهت إليه لِرياسة اليونان جميعاً في الألعاب البيثية. وهنا امتد بصره إلى دول البلوبونيز المنقسمة على نفسها، وأحس أن في استطاعته أن يحملها جميعاً، عدا إسبارطة الضعيفة، على أن ترتضيه زعيماً لحلف يوناني في مقدوره أن يحرر جميع اليونان في الشرق والغرب. ولكن أثينة استمعت إلى أقوال دمستين فلم ترَ في فليب محرراً لها، بل رأته ساعياً لاستعبادها، وقررت أن تحارب لتحتفظ للمدن اليونانية بالسيادة التي كانت تحرص عليها، وبالدمقراطية الحرة التي جعلتها نور العالم الوضاء.