لأن أحد لم ينبئه بهذه الزيارة. وقابلت الزائر خادم عجوز وسألته عن اسمه لتبلغه إلى سيدها بعد أن يعود. فما كان جواب أبليز إلا أن أخذ فرشاة ورسم على لوحة إطار غاية في الدقة بجرة واحدة. ولما عاد بروتجنيز وأخبرته الخادم العجوز أنها تأسف لأنها لا تستطيع أن تخبره باسم الزائر، ثم اطلع على الإطار وشاهد دقته، صاح قائلاً:"إن أحد لا يستطيع رسم هذا الإطار إلا أبليز". ثم رسم في داخله إطار أدق منه وأمر المرأة أن تطلع عليه الزائر الغريب إذا عاد. وعاد أبليز فعلاً ودُهش من حذق بروتجنيز الغائب، ولكنه رسم بين الإطارين إطاراً ثالثاً بلغ من الرقة والرشاقة حد لم يسع بروتجنيز معه حين رآه إلا أن يعترف أن منافسه قد غلبه، ثم أسرع إلى الميناء ليستبقي أبليز ويرحب به. وانتقلت هذه الآية الفنية من جيل إلى جيل حتى اشتراها يوليوس قيصر، ثم احترقت في النار التي دمرت قصره القائم على تل البلاتين. وتاقت نفس أبليز إلى أن يوقظ في العالم اليوناني الاهتمام ببروتجنيز وتقدير قيمته فسأله أن يخبره كم من المال يطلب ثمناً لبعض رسومه؛ ولما طلب بروتجنيز مبلغاً متواضعاً عرض عليه أبليز بدلاً منه خمسين وزنة (٠٠٠ ر ٣٠٠ ريال أمريكي)، ثم أذاع أنه سيبيع هذه الرسوم زاعماً أنها من صنع يده. وكان هذا الإعلان سبباً في أن أهل رودس قدروا عمل فنانهم خيراً من ذي قبل فدفعوا إلى بروتجنيز أكثر مما عرضه عليه أبليز واحتفظوا بالصور بين كنوز مدينتهم (٢٩).
وكان أبليز في هذه الأثناء قد نال إعجاب العالم اليوناني كله بصورة أفرديتي أنديوميني Aphrodite Anadyomene أي أفروديتي الخارجة من البحر. وأرسل الإسكندر في طلبه وعرض عليه أن يرسمه في مواقف كثيرة. ولم تعجب الشاب الفاتح صورة لجواده بسفالس Bucephalies في أحد هذه الرسوم، وأمر بأن يقرب الجواد من الصورة ليوازن بينه وبينها، فلما نظر الجواد إلى صورته صهل، فقال أبليز للإسكندر "يلوح أن جواد