ونساء وجياد من أعظم روائع العالم كله في النقش القليل البروز. وليست الأمزونيات التي به نساء مسترجلات خُلقن للحرب، بل هن نساء ذوات جمال شهواني، وما أخلقهن بأن يثرن في اليونان عواطف أرقى من عاطفة الحرب. وقد أضحى هذا الضريح هو وهيكل إفسوس الثالث من عجائب العالم السبع.
وبلغ فن النحت وقتئذ ذروة مجده من نواح كثيرة. نعم إنه كان ينقصه الحافز الديني، ولم يبلغ ما بلغته قواصر البرثنون من جلال وقوة، ولكنه استمد إلهاماً جديداً من الرشاقة النسوية، وبلغ من الجمال ما لم يبلغه ذلك الفن قبل هذا الوقت أو بعده. لقد صور القرن الخامس رجالاً عراة، ونساء مكتسيات، أما القرن الرابع فقد آثر أن ينحت نساء عاريات ورجال مكتسين؛ وجعل القرن الخامس نماذجه مثلاً عليا يحتذي الفنانون حذوها ولا يحيدون عنها، وصبوا أو نحتوا حياة الإنسان الشقية في صورة خلائق مجردين من العواطف يستريحون من عناء تلك الحياة وشئونها؛ أما القرن الرابع فقد حاول فنانوه أن يمثلوا في الحجر شيئاً من الفردية والإحساسات البشرية. وأضحت للرأس والوجه في صور الرجال أهمية أكثر مما كان لها من قبل، وقلت أهمية الجسم نفسه، وحلت دراسة الأخلاق محل عبادة القوة العضلية، وتسابق كل من كان ذا مال على أن تكون له صورة من حجر؛ وتحرر الجسم من وضعه الجامد المعتدل، وصار يتكئ مستريحاً على عصا أو شجرة؛ ومُثل فيه التفاعل الحي للضوء والظل. وقد بلغ من حرص ليسستراتس السكيوني على أن يكون واقعياً إلى أقصى حد، أن كان يعمل غلافاً من الجص فوق وجه الشخص المراد تصويره، ويصب فيه القالب المبدئي، ولعله كان أول من فعل هذا من اليونان (٣٣).
وبلغ تمثيل جمال الجسم ورشاقته حد الكمال على يد بركستليز. والعالم كله يعرف أنه أحب فيريني Phyrene، وأنه صور جمالها تصويراً مخلداً، ولكن أحداً من الناس لا يعرف متى ولد هذا الفنان أو متى توفي. وكان