للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابناً وأباً لمثالين يعرفان باسم سفسدوتس Cephissdotus، ولذا يحق لنا أن نقول إنه يمثل أعظم ما بلغته تقاليد أسرة من الفنانين المجدين الصابرين. وكان يعمل في البرنز والرخام على حد سواء، وبلغ من شهرته أن كانت اثنتا عشرة مدينة تتنافس للحصول على خدماته؛ منها كوس التي عهدت إليه في عام ٣٦٠ أن ينحت لها تمثالاً لأفرديتي؛ فنحت لها هذا التمثال بمساعدة فيريني، ولكن الكوسيين ساءهم أن وجدوا الإلهة مجردة من الثياب، فما كان من بركستليز إلا أن هدأ ثورة غضبهم بأن صنع لها تمثالاً آخر مكتسياً، وابتاعت نيدس التمثال الأول. وعرض نكومديز ملك بيثيا على نيدس أن يبتاع هذا التمثال بكل ما على المدينة من ديون، ولكن نيدس آثرت المجد الخالد على العرض الزائل. وأقبل السياح من جميع بلاد البحر الأبيض المتوسط ليشاهدوا التمثال، وحكم الخبراء على أنه أجمل تمثال صنع حتى ذلك الوقت في بلاد اليونان كلها، وقال الثرثارون إن الرجال كانت تستثار عواطفهم إلى حد الجنون حين يشاهدون هذا التمثال (١).

وكما أذاع تمثال أفرديتي شهرة نيدس في الخافقين، كذلك اجتذبت بلدة ثسبيا الصغيرة إحدى بلاد بؤوتة مسقط رأس فيريني السائحين، لأن فيريني قد وضعت فيها تمثالاً لإيروس (الحب) من نحت بكستليز. ذلك أنها سألته يوماً ما أن يقدم لها برهاناً على حبه أجمل تمثال في منحته، وأراد أن يترك لها الخيار؛ ولكن فيريني أرادت أن تكشف بنفسها عن تقديره لأعماله، فهرولت إليه في يوم من الأيام وأخبرته أن منحته يحترق؛ فلما سمع هذا النبأ صاح قائلاً "إن كان تمثال جني الغاب وتمثال إيروس قد احترقا فيالهول النكبة" (٣٥)


(١) وفي متحف الفاتيكان صورة تطابق صورة هذا التمثال المنقوشة على النقود النيدية التي عُثر عليها في أنقاض المدينة.