للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حول الشمس، ولعل هرقليدس في لحظة من لحظات التجلي العلمي قد استبق أرسطرخوس وكوبرنيق، لأنا نقرأ في الجزازات الباقية من كتابات جمنوس Geminus (حوالى عام ٧٠ ق. م) أن هرقليدس البنتي قال: "حتى لو افترضنا أن الأرض تدور بطريقة ما، وأن الشمس ساكنة بطريقة ما، فإن ما يبدو لنا من عدم انتظام الشمس لا يستعصي على الفهم" (١٤). وأكبر الظن أننا لن نستطيع فهم ما كان يقصده هرقليدس بقوله هذا بالضبط.

وكانت العلوم الطبيعية في هذه الأثناء تتقدم تقدماً بطيئاً. ففي الجغرافية قام ديقايرخوس المساني Dicaearchus of Messana كاتب السير اليوناني بقياس ارتفاع الجبال، وقدر طول محيط الأرض بما يقرب من ثلاثين ألف ميل، ولاحظ تأثير الشمس في المد والجزر. وفي عام ٣٢٥ سافر نيارخوس Nearchus أحد قواد الإسكندر بحراً من مصب نهر السند محاذياً ساحل آسية الجنوبي إلى مصب الفرات؛ وكان سجل سفينته الذي احتفظ أريان Arrian ببعضه في كتابه Indica (١٥) من أهم الكتب الجغرافية القديمة وكان علم المساحة التطبيقية - أي قياس السطوح، والمرتفعات، والمنخفضات والمواقع، والأحجام- قد وضع له اسم خاص يميزه من الهندسة النظرية Geometry وهو الجيوديزيا (١٦). وكان فلستيون Fhilistion أحد أبناء بلدة لكري Lorcri الإيطالية يمارس تشريح الحيوانات في بداية ذلك القرن وقال إن القلب هو المنظم الرئيسي للحياة ومركز النيوما أي النفس. وشرح ديوقليس Diocles أحد أبناء بلدة كرستوس Carystus العوبية حوالي عام ٣٧٠ أرحام إناث الحيوان، ووصف الأجنة البشرية من بداية اليوم السابع والعشرين إلى اليوم الأربعين من حياتها، وتقدمت على يديه علوم التشريح والأجنة وأمراض النساء والولادة، وأصلح إحدى الأغلاط اليونانية الشائعة بقوله إن "بذرتي" الذكر والأنثى تشتركان في تكوين