وأخفقت أشهر نظرياته إخفاقاً باهراً. فقد قال إن العالم يتكون من سبعة وعشرين دائرة شفافة لا تراها العين لشفيفها تدور في اتجاهات مختلفة وبسرعات متباينة حول مركز الأرض، وإن الأجرام السماوية مثبتة حول قشرة هذه الدوائر المتحدة المركز. ويبدو هذا النظام الآن نظاماً مغرقاً في الخيال، ولكنه كان أول محاولة بُذلت لتفسير حركات الأجرام السماوية تفسيراً علمياً. وعلى أساس هذه النظرية حسب أدكسوس بدقة عظيمة (إذا ما اتخذنا "معلوماتنا" الحاضرة في مثل هذه المسائل مقياساً نحكم به على الأشياء) أوقات اقتران الكواكب وحلولها في البروج المختلفة (١). وكان لهذه النظرية أثر أقوى من أية نظرية أخرى في الزمن القديم لإيقاظ روح البحث العلمي.
وكتب إكفنتوس السراقوصي حوالي عام ٣٩٠. ومن أقواله أن الأرض تدور حول مركزها في اتجاه شرقي (١٢). وأخذ هرقليدس البنتي هذا الإيحاء، أو لعله وصل إليه مستقلاً، وقال إن العالم لا يدور حول الأرض، وإن الظواهر المتصلة بهذا الفرض يمكن تفسيرها إذا افترضنا أن الأرض نفسها تدور مرة في كل يوم حول محورها (١٣). ومن أقواله أيضاً أن الزهرة وعطارد يدوران
(١) إن فترة الاقتران لجرم من الأجرام السماوية هي الزمن المحصور بين اقترانين متتاليين بينه وبين الشمس، كما يرى من الأرض. أما فترة الحلول في برج من البروج فهي الزمن المحصور بين ظهور جرم سماوي مرتين متتاليتين في هذا البرج أي في ذلك الجزء من السماء المقسمة تقسيماً خيالياً إلى اثنتي عشر قسماً يسمى كل منها برجاً. وقدر أودكسوس فترة اقتران زحل بـ ٣٩٠ يوماً ونقدرها نحن الآن بـ ٣٨٧؛ والمشتري بـ ٣٩٠، وتقديرنا نحن هو ٣٩٩؛ والمريخ بـ ٢٦٠ ونقدرها نحن بـ ٧٨٠، وعطارد بـ ١١٠ (وقد ورد في أحد المخطوطات ١١٦)، وتقديرنا هو ١١٦؛ والزهرة بـ ٥٧٠ وتقديرنا هو ٥٨٤. أما الفترة بين حلول الكواكب في الأبراج مرتين متتاليتين كما قدرها أودكسوس فهي ٣٠ سنة لزحل وتقديرنا نحن هو ٢٩ سنة و ١٦٦ يوماً، وللمشتري ١٢ سنة وتقديرنا نحن ١١ سنة و ٣١٥ يوماً، وللمريخ سنتان وتقديرنا سنة و ٣٢٢ يوماً، ولعطارد والزهرة سنة. وهذا يتفق بالضبط مع تقديرنا (١١).