للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقام زمناً ما في نيدس سافر إلى مصر وقضى فيها ستة عشر شهراً يدرس الفلك على كهنة عين شمس ثم نجده بعد ذلك في سيزقوس البربوبنثية Proportin Cyzcus يحاضر في العلوم الرياضية. ولما بلغ الأربعين من عمره انتقل هو وتلاميذه إلى أثينة وافتتح فيها مدرسة لتعليم العلوم الطبيعية والفلسفة، ونافس أفلاطون وقتاً ما. ثم عاد آخر الأمر إلى نيدس وأقام فيها مرصداً، وعهد إليه أن يضع للمدينة طائفة من القوانين (٩).

وقد وضع في الهندسة عدة مبادئ أساسية، فهو الذي وضع نظرية النسبة (١) ومعظم الفروض التي انتقلت إلينا في الكتاب الخامس من كتب إقليدس، وهو الذي اخترع طريقة إفناء الفرق التي أمكن بها إيجاد مساحة الدائرة وحجم الكرة، والهرم، والمخروط؛ ولولا هذا لكان عمل أرشميدس المبدئي مستحيلاً. ولكن العلم الذي وهب له أودكسوس معظم جهوده هو علم الفلك. ونستطيع أن نلمح روح العالم في قوله إنه يسره أن يحترق كما احترق فيتون إذا استطاع بهذا أن يكشف عن طبيعة الشمس وحجمها وشكلها (١٠). وكان لفظ التنجيم Astrology يستعمل في ذلك الوقت ليشمل ما نسميه الآن علم الفلك Astronomy، ولكن أودكسوس أشار على تلاميذه أن يغفلوا نظرية الكلدانيين القائلة إن مستقبل الإنسان يمكن التنبؤ به بالنظر لمواقع النجوم وقت مولده. وكان شديد الرغبة في أن يرجع جميع الحركات السماوية إلى قوانين ثابتة، ووضع في كتابه الفينومينا Fhainomena - الذي يعده الأقدمون أعظم ما كتبوه في علم الفلك - أساس التنبؤات الجوية.


(١) وكان من المسائل المحببة له مسألة إيجاد "القطاع الذهبي" أي أن يقسم الخط في نقطة بحيث تكون النسبة بين الخط كله وجزئه الأكبر، كالنسبة بين هذا الجزء الأكبر والجزء الأصغر.