أصغر من التي أريدها" (٢٥). ولما أن لامه صديق له على ركوعه أمام دنيسوس أجابه: "بأنه ليس من عيبه أن تكون أذنا الملك في قدميه"، ولما سأله دنيسوس لم يلازم الفلاسفة أبواب الأغنياء، ولا يلازم الأغنياء مجالس الفلاسفة أجابه بقوله: "ذلك بأن الأولين يعرفون ما يريدون أما الآخرون فلا يعرفونه" (٢٦). ولكنه مع ذلك كان يحتقر من يطلبون المال لذاته. من أنه لما أن أراه سيموس Simus الفريجي الثري بيتاً له جميلاً مفروشاً بالرخام، بصق أنتسبيوس في وجهه، فلما أن احتج عليه سيموس اعتذر بأنه لم يجد بين ذلك الرخام كله مكاناً أليق من وجهه بالبصق عليه (٢٧). ولما أن جمع من المال ما يريده أنفقه بسخاء على الطعام الشهي، والكساء الجميل، والمسكن الفخم، والنساء الحسان (على ما كان يبدو له). ولما أن لامه بعضهم على أنه يعاشر حظية أجابه بقوله إنه لا يعارض في أن يعيش في بيت سكنه آخر قبله أو أن يسافر في سفينة سافر فيها غيره (٢٨). ولما قالت له عشيقته:"أني أعاشرك معاشرة الأزواج" قال لها: "إنك لا تستطيعين أن تقولي إنني أنا الذي أعاشرك، كما لا تستطيعين أن تقوليه بعد أن تخترقي أجمة أية شوكة فيها خدشتك"(٢٩).
وقتله الناس رغم أنه كان رجلاً شريفاً، ظريفاً، مهذباً، مثقفاً، طيب القلب، مشهوراً باسم سيموس اللطيف. وما من شك في أن من أسباب دعوته السافرة للسعي وراء اللذة أنه كان يسر من التشهير بالكبار الفاسدين من أهل المدن. وقد كشف عن خليقته بتبجيل سقراط، وحبه الفلسفة (١)، واعترافه بأن أجل منظر في الحياة، هو منظر الرجل الفاضل الذي يشق طريقه مطمئناً واثقاً من نفسه بين الأنذال (٣١).
وقال وهو على فراش الموت (٣٥٦) إن أعظم تراث يتركه لابنته
(١) يقول أرستبوس إن مَثل الذين يهملون الفلسفة في تعليمهم "كمثل الذين جاءوا يخطبون بنلبي؛ فقد … وجدوا أن كسب الخادمات أسهل لهم من زواج السيدة".