للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والتاريخ المتميز عن السِّيَر هو قصة الإنسان، وليس علم الأحياء هو علم كائنات عضوية معينة بل هو علم الحياة نفسها، وليست العلوم الرياضية هي دراسة الأشياء المجسمة بل هي دراسة العدد، والعلاقة، والشكل، مستقلة عن الأشياء نفسها، ولكنها تصدق على جميع الأشياء. والفلسفة هي علم الأفكار.

وكل شيء في ميتافيزيقية أفلاطون يدور حول نظرية الأفكار. فالله المحرك الأول الذي لا يتحرك، أو روح العالم (٩١)، يحرك كل شيء وينظمه حسب القوانين والأشكال الأزلية، وهي الأفكار التي لا تتبدل والتي تكون، على حد قول أصحاب الأفلاطونية الحديثة، الكلمة أو الحكمة الإلهية أو عقل الله. وأرقى الأفكار هو الخير، ويرى أفلاطون في بعض الأحيان أن هذا الخير هو الله نفسه (٩٢)، ولكنه في أكثر الأحيان هو أداة الخلق الهادية المرشدة، والشكل الأعلى الذي تنجذب إليه كل الأشياء. وإدراك هذا الخير، ورؤية هذا المثل الأعلى الذي يشكل عملية الخلق، هو أسمى غاية تبتغيها المعرفة (٩٣). وليست الحركة وعملية الخلق عمليتين آليتين، بل هما تحتاجان في العالم، كما نحتاج نحن، إلى روح أو مبدأ حيوي يكون هو قوتهما المنشئة المبدعة (٩٤).

وليس شيء حقيقياً إلا الذي فيه قوة (٩٥)، ومن أجل هذا فإن المادة ليست حقيقة أساسية (to me on) بل هي مجرد مبدأ من القصور الذاتي، وإمكانياته تنتظر أن يعطيها الله أو الروح شكلاً خاصاً وكياناً حسب فكرة من الأفكار. والروح هي القوة المتحركة بنفسها الموجودة في الإنسان، وهي جزء من الروح المتحركة بنفسها الموجودة في الأشياء جميعها (٩٦). وهي قوة حيوية خالصة، مجردة من الجسم، وخالدة. وقد وجدت قبل الجسم، وجاءت معها من حلولها في أجسام سابقة بذكريات كثيرة إذ أيقظتها الحياة الجديدة حسبناها خطأ معلومات جديدة. ولنضرب لذلك مثلاً الحقائق