Apolls Lyceus) إله الرعاة (تحيط بها حدائق غناء، وطرقات مسقوفة، وكان في صدر النهار يلقي على الطلاب المنتظمين فيها دروساً في موضوعات راقية، وفي عجزه يلقي محاضرات على جماعات من الشعب أقل انتظاماً وأقل رقياً ممن يستمعون إليه في الصباح. وأكبر الظن أن هذه المحاضرات الثانية كانت في البلاغة، والشعر؛ والأخلاق والسياسة، وقد جمع في هذا البناء مكتبة كبيرة، وأنشأ فيهِ حديقة للحيوان ومتحفاً للتاريخ الطبيعي، وسميت المدرسة فيما بعد، باللوقيون Lyceun، كما سمي الطلاب بالمشائين وسميت فلسفتهم بالمشائية نسبة إلى المماشي المسقوفة (Perptaoi) التي كان أرسطوطاليس يحب أن يسير فيها مع طلابه وهو يحاضرهم. وقامت منافسة حادة بين اللوقيون التي كان معظم طلابها من الطبقة الوسطى، وبين المجمع العلمي الذي كان يستمد معظم أعضائه من طبقة الأشراف، ومدرسة إسقراط التي كان يؤمها في الغالب يونان المستعمرات. ثم خفت حدة هذه المنافسة فيما بعد حين وجه إسقراط اهتمامه إلى الفلسفة، وحين أخذ المجمع العلمي يعنى بالعلوم الرياضية، وما وراء الطبيعة، والسياسة، وأخذت اللوقيون تعنى بالتاريخ الطبيعي. وكان أرسطو يطلب إلى تلاميذه أن يجمعوا المعلومات في الميادين العلمية المختلفة وينسقوها: كعادات البرابرة؛ ودساتير المدن اليونانية، وتواريخ الفائزين في الألعاب البيثية والديونيشيا الأثينية، وأعضاء الحيوانات، وعاداتها، وأصناف النباتات وتوزيعها؛ وتاريخ العلوم والفلسفة، وأضحت هذه البحوث ذخيرة طيبة من المعلومات يستمد منها رسائلهم المختلفة التي يخطئها الحصر، وكان أحياناً يولي هذه المعلومات من الثقة أكثر مما تستحق.
وكتب لأنصاف المتعلمين نحو سبع وعشرين محاورة يرى شيشرون وكونتليان أنها تضارع محاورات أفلاطون؛ وهذه المحاورات هي التي قامت عليها شهرته في الزمن القديم؛ وقد ضاعت فيما ضاع على أثر استيلاء البرابرة على رومة.