أما علم الأحياء فهو ميدان أرسطو الحقيقي، فهو فيه واسع الملاحظة عظيم الإطلاع؛ وفيه أيضاً يرتكب أكثر الأغلاط؛ وأعظم فضل له على هذا العلم الحيوي أنه نسق كل ما كشف فيه من قبل ودعم أركانه، وقد استعان بتلاميذه على جمع المعلومات القيمة عن الحيوان والنبات في بلا د بحر أيجة كما جمع في مكان واحد أولى المجموعات العلمية من الحيوان والنبات. إذا جاز لنا أن نأخذ بقول بلني Pliny فأن الإسكندر أصدر الأوامر لصياديه، وحارسي صيده، وصائدي السمك له، وغيرهم ألا يمنعوا عن أرسطو أي نوع يطلبه منها وأن يمدوه بما يريده من المعلومات. ويعتذر الفيلسوف عن اهتمامه بتلك الأشياء الصغيرة فيقول:"ليس في الأشياء الطبيعية ما يخلو من الأعاجيب، وإذا ما احتقر إنسان التفكير في الحيوانات الدنيا، فغن عليه أن يحقر نفسه".
وهو يقسم المملكة الحيوانية قسمين، ذات دم وغير ذات دم: إنيما، وأنيما Anaima، Enaima وهما يقابلان بوجه التقريب تقسيمنا إياها إلى "فقاريات" و "لا فقاريات". ثم يعود فيقسم الحيوانات غير ذات الدم إلى صدفية، وقشرية، ورخوة، وحشرات، ويقسم الدموية إلى أسمال، وقوازب (١)، وطيور، وثدييات.
وتشمل بحوثه في هذا العلم ميداناً واسعاً مختلف الأنحاء. فهو يبحث في أعضاء الهضم، والإخراج، والحس، والحركة والتكاثر، والدفاع؛ وفي أنواع الأسماك، والطيور، والزواحف، والقردة، ومئات غيرها من الأصناف؛ وفي فصول تزاوجها، وطريقة حملها صغارها، وتربيتها إياها؛ وفي ظواهر البلوغ، والحيض، والحمل، والإجهاض، والوراثة، والإتئام؛ وفي مواطن الحيوانات وهجرتها؛ وما يعيش عليها من الطفيليات وما ينتابها من الأمراض؛ وفي طرق نومها وفصول سباتها … وهو يشرح حياة النحلة شرحاً وافياً ممتعاً (١٦٠). وكتابه مليء بالملاحظات
(١) القوازب أو البرمائيات: هي التي تعيش في البر والبحر على السواء. (المترجم)