للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والنفس ثلاث درجات: نامية، وحاسة، وناطقة. فالنبات يشترك مع الإنسان والحيوان في النفس النامية- أي في قدرته على تغذية نفسه وعلى النماء الداخلي، وللحيوان والإنسان فضلاً عن هذه النفس نفس حاسة- أي قدرة الإحساس، وللحيوانات الراقية والإنسان نفس "منفعلة عاقلة"- أي قدرة على الأشكال البسيطة البدائية من الذكاء، والإنسان وحده هو الذي له نفس "فاعلة عاقلة"- أي قدرة على التعميم والابتكار. وهذه النفس الأخيرة جزء أو انبعاث من قوة الكون الخالقة العاقلة وهي الله، وهي بهذا الوصف لا تموت. ولكن هذا الخلود غير شخصي، أي أن الذي يبقى هو القوة لا الشخصية؛ والفرد مركب فد فان من المواهب النامية والحاسة والعاقلة؛ وهو لا يصل إلى الخلود إلا نسبياً؛ وذلك عن طريق التوالد، وبطريقة غير شخصية عن طريق الموت (١).

والله هو "صورة" العالم أو "حقيقته الفعلية Entelechy"- طبيعته الفطرية، ووظائفه، وأغراضه (٢) كما أن الروح هي "صورة" الجسم.


(١) ويمكن تفسير أقوال أرسطو طاليس المتناقضة في هذه النقطة تفسيرات أخرى. والنص الذي أثبتناه هنا مأخوذ من المجلد الرابع من تاريخ كامبردج القديم Cambridge Ancient History ص ٢٣٣، ومن كتاب النفس (Psyche) تأليف رود Rhode ص ٤٩٣.
(٢) ويرى أرسطو كما يرى أفلاطون أن الأمر الجوهري في أي شيء هو "الصورة" eidos لا المادة المصورة؛ وليست المادة هي "الشيء الحقيقي" بل هي إمكانية سالبة منفعلة لا تتخذ لها وجوداً خاصاً إلا إذا دفعتها الصورة وحددتها.