هو الوحدة، هو تعاون الأجزاء وتماثلها في الكل. وتكون هذه الوحدة في المسرحية وحدة العمل قبل كل شيء؛ ولذلك يجب أن يكون أعظم ما تهتم بهِ المسرحية عملاً واحداً، وأن يكون الغرض الوحيد مما فيها من أعمال أخرى هو أن ترقى بهذه القصة الرئيسية أو توضحها. وإذا أريد أن يكون العمل الفني غاية في الروعة والجودة وجب أن يكون موضوعه متسماً بالنبل أو البطولة.
ويقول أرسطو في تفسيره الشهير للمأساة:"المأساة تمثيل موضوع في البطولة، كامل متسع إلى حد ما، بلغة تزدان بكل أنواع المحسنات … فهي تمثل رجالاً يعملون ولا تعمد إلى القصص، ثم تستعين بالرحمة والخوف لتخفف من واقع هذه العواطف وغيرها". والمأساة تستثير أعمق عواطفنا ثم تهدئها بخاتمتها المسكنة. ويذلك تعرض علينا تعبيراً عن العواطف لا ضرر فيه ولكنه ينفذ إلى أعماق النفس، ولولا هذا التعبير لتجمعت العواطف فصارت عُصَاباً أو عنفاً. فهي تظهر لنا من الآلام والأحزان ما هو أكثر رهبة من آلامنا وأحزاننا، وتعيدنا إلى بيوتنا مبرئين مطهرين. وقصارى القول أن ثمة لذة في تأمل عمل من أعمال الفن الحقيقية. ومن الشواهد الدالة على رقي الحضارة أن تقدم للروح أعمالاً خليقة بهذا التأمل. ذلك بأن "الطبيعة لا تطلب إلينا أن نشغل أوقاتنا بالأعمال الطيبة فحسب بل تتطلب فوق ذلك أن نكون قادرين على أن نستمتع بفراغنا بأشراف الوسائل (١٩٣) ".
فما هي الحياة الطيبة إذن يجيب أرسطو عن هذا السؤال ببساطة وصراحة فيقول إنه الحياة السعيدة؛ وهو لا يريد أن يبحث في كتاب الأخلاق (١)
(١) لقد كان كتاب أخلاق نيقوماخوس (وسمي كذلك لأن الذي نشره هو نيقوماخوس ابن أرسطو) وكتاب السياسة أول الأمر كتاباً واحداً. وكان الناشرون اليونان يستخدمون هذه الصيغة المزدوجة وهي الأخلاق والسياسة (ta etika of ta politika) ليعبروا بها عن عدة مشاكل أخلاقية وسياسية، وقد احتفظ بها كما هي حين انتقلت الكلمتان إلى اللغة الإنجليزية.