يرغب في أن يدرس ولده الفلسفة "حتى لا يفعل أشياء كثيرة من نوع الأشياء التي فعلتها أنا والتي آسف على فعلها"(١) كما قال فليب نفسه. وقد أفلح أرسطو إلى حد ما في أن يجعل منه رجلاً هلينياً؛ ذلك أن الإسكندر كان طوال حياته يعجب بالأدب اليوناني ويحسد اليونان على حضارتهم؛ وقد قال مرة لرجلين يونانيين كانا يجلسان معه أثناء المأدبة الوحشية التي قتل فيها كليتوس:"ألا تشعران حين تجلسان في صحبة هؤلاء المقدونيين بأنكما أشبه بإلهين بين خلائق من الهمج"(٢).
وكان الإسكندر من الناحية الجسمية شاباً مثالياً. وذلك أنه كان يجيد كل ضروب الألعاب الرياضية: كان عداءً سريعاً، وفارساً جريئاً، ومبارزاً ماهراً؛ وكان يجيد الرماية بالقوس، ولا يرهب أي شيء في الصيد. ولما رغب إليه أصدقاؤه أن يشترك في سباق العدو في أولمبيا أجاب بأنه لم يكن يمانع في ذلك لو أن المتبارين معه كانوا ملوكاً. ولما عجز غيره عن تذليل بوسفلس Bucephalus الجواد الجامح الجبار، نجح الإسكندر في هذا العمل؛ فلما رأى ذلك فليب، كما يقول بلوتارخ، حياه بتلك الألفاظ التي كانت أشبه بنبوءة بما يخبؤه له القدر:"أي بني، إن مقدونية لا تتسع لك، فابحث لنفسك عن إمبراطورية أوسع منها، وأجدر بك"(٣). وكان حتى في أثناء زحفه يصرف بعض نشاطه في أن يرمي بالسهام بعض ما يمر به من الأهداف، أو ينزل من مركبته ثم يعود فيركبها وهي تجري بأقصى سرعتها. وكان إذا تراخت الحرب خرج إلى الصيد وواجه بمفرده وهو واقف على قدميه وحشاً ضارياً؛ وسمع ذات مرة بعد أن فرغ من قتال أسد بعضهم يقول إنه كان يحارب الأسد كأنه يبارزه لتقرر نتيجة البراز أيهما يكون هو الملك (٤)، فسر من هذا القول أيما سرور. وكان مولعاً بالعمل الشاق والمغامرات الخطرة، ولم يكن يطيق الراحة. وكان يسخر من بعض أصدقائه الكثيري الخدم ويقول إنهم لا يجدون ما يفعلون. ومن أقواله لهم: "عجيب أمركم،