أو أيديهم أو آذانهم أو فقأوا عيونهم. وأبصرهم الإسكندر فبكى من فرط التأثر وأقطعهم أرضاً زراعية وخصهم بأتباع يزرعونها لهم.
ولم يكتف الإسكندر بما نال من مجد فحاول أن يفعل ما عجز عن فعله قورش - وهو إخضاع القبائل التي كانت تحوم حول تخوم بلاد الفرس من الشرق، ولعله كان يأمل لقلة معلوماته الجغرافية أن يجدوا وراء الشرق الغامض المجهول ذلك الأقيانوس الذي يصلح لأن يكون حداً طبيعياً للدولة العظيمة التي أقامها بسيفه. ولما دخل سجديانا مر بقرية يسكنها أبناء البرنشيدي Branchidae الذين أسلموا لخشيارشاي قرب ميليطس كنوز هيكلهم. وتملكته فكرة الانتقام للإله الذي انتهب ماله، فأمر بأن يُقتل جميع أهلها بما فيهم النساء والأطفال - فاقتص بهذا العمل من الآباء بعقاب الجيل الخامس من الأبناء. وكانت حروبه في سجديانا، وأريانا، وبكتريانا، وحشية لم يجن منها نفعاً، فقد نال فيها النصر، وعثر في أعقابها على بعض الذهب، وترك من ورائه أعداء في كل مكان. وقبض رجاله قرب بخارى على بسوس Bessus قاتل دارا. وأقام الإسكندر نفسه فجاءه مطالباً بدم الملك العظيم، فضُرب بسوس بأمره بالسياط حتى كاد يقضي عليه، وجدع أنفه وصلمت أذناه، ثم أرسل إلى إكباتانا حيث قٌتل بأن ربط ذراعاه في إحدى الأشجار وساقاه في شجرة أخرى، وكانت الشجرتان قد ضمتا بالحبال، فلما قطعت حبالهما مزقت الشجرتان جسمه (٢٧). وهكذا الإسكندر كلما بعد عن بلاد اليونان قلت فيه صفات اليونان وزادت نزعته الهمجية.
ونراه في عام ٣٢٧ يخترق جبال الهملايا لينقض على الهند. وكأن غروره وتشوفه كانا يأتمران به ليقوداه إلى هذا الصقع النائي. ونصحه قواده بألا يقدم على هذه المغامرة، وأطاعه جنده وهم كارهون، فعبر نهر السند، وهزم الملك بروس Porus، وأعلن أنه سيواصل الزحف حتى بهر الكنج Ganges لكن