لأنهم لن يستطيعوا الوقوف أمام رائحة المعز التي تصحب جيوشنا" (٢٥). وقضى الليلة يستكشف الأرض التي ستدور فيها المعركة، ويقرب القرابين للآلهة. وكان نصره مؤزراً حاسماً، فلم تستطع جيوش دارا المختلة النظام أن تصمد أمام فيالق الإسكندر المتراصة، ولم تعرف كيف تدافع عن نفسها أمام هجمات الفرسان المقدونيين السريعة المتكررة، فتبدد شملها وولت الأدبار، ولم يكن دارا آخر الفارين. وقتله قواده جزاءً له على جبنه، في الوقت الذي كان الإسكندر يتقبل فيه خضوع بابل، ونصيباً من ثروتها، ويوزع بعضها على جنده، ويأسر قلوب أهل المدينة بتعظيم آلهتها وإصدار أوامر بإعادة أضرحتها المقدسة. ولم تنته ٣٣١ حتى كان قد وصل إلى مدينة السوس، وكان أهلها لا يزالون يذكرون مجد عيلام القديم فاستقبلوه استقبال المنقذ. وقد حمى المدينة من النهب وعوض جنوده عن ذلك بأن قسّم بينهم بعض الخمسين ألف وزنة (٠٠٠ ر ٠٠٠ ر ٠٠٠ ر ٣ ريال أمريكي) التي وجدها في أقبية دارا. وأرسل إلى أهل بلاتية قدراً كبيراً من هذا المال لأنهم قاوموا الفرس مقاومة عنيفة في عام ٤٨٠، ويبدو أنه رد إلى مدن آسية "العطايا" التي استولى عليها منها في بداية الحملة (٢٦). وأعلن إلى اليونان في جميع أنحاء العالم في فخر وكبرياء أنهم أصبحوا الآن أحراراً مستقلين أتم الاستقلال عن حكم الفرس.
ولم يكد يستريح في سوس حتى واصل الزحف فوق الجبال في قلب الشتاء ليستولي على برسبوليس؛ وقد بلغ من سرعة زحفه أن وصل إلى قصر دارا قبل أن يستطيع الفرس إخفاء الكنوز الملكية. وهنا ركب رأسه فحرق المدينة العظيمة ودكها دكاً، وانطلق جنوده ينهبون البيوت ويسبون النساء ويقتلون الرجال. ولعل الذي أثار سخطهم هو أنهم رأوا وهم مقبلون على المدينة ثمانمائة من اليونان قد مثل بهم الفرس لأسباب مختلفة فقطعوا أرجلهم