للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مرتزقين في خارج البلاد، أو ليُخفوا فقرهم في عزلتهم الريفية (١٨). وأعانت حكومة أثينة المعدمين من أهلها بهبات من الحبوب، وأخذ الأغنياء يسلونهم بما يقدمون لهم من التذاكر التي تبيح لهم حضور الحفلات والألعاب. فقد كانوا يقترون في الأجور، ولكنهم كانوا أسخياء في الصدقات؛ وكثيرا ماكانوا يُقرضون المال لمدنهم من غير فائدة، أو يُنقذونها من الإفلاس بالهبات الضخمة، أو يُنشئون المباني العامة على نفقتهم الخاصة، أو يهبون المال للهياكل والجامعات، أو يجودون بالكثير منها لإقامة التماثيل، أو إجازة الشعراء الذين يذيعون في الناس ملاحمهم أو يُشيدون بعطاياهم. ونظم الفقراء أنفسهم في اتحادات ليتبادلوا المعونة فيما بينهم، ولكنهم كانوا أضعف من أن يحدوا من سلطان الأغنياء أو مهاراتهم؛ ومن جمود الفلاحين واستعداد الحكومات والأحلاف المتنافسة لتبادل المعونة المسلحة للقضاء على الثورات (١٩). وقد أدت حرية الكفايات غير المتكافئة في جمع الثروة أو الهلاك جوعاً إلى ما أدت إليه من قبل في أيام صولون، ألا وهو تركز الثروة في أيدي عدد قليل جداً من الأفراد. وكان الفقراء سريعي الاستجابة إلى الدعايات الاشتراكية، فأخذ ممثلوهم يطالبون بإلغاء الديون، وإعادة توزيع الأراضي الزراعية على الأهلين، ومصادرة الثروات الكبرى؛ وكان أكثرهم جرأة يطالبون من حين إلى حين بتحرير العبيد (٢٠).

وكان ضعف العقيدة الدينية سبباً في نشأة الدعوة إلى إقامة مدائن فاضلة خيالية تعوض على الناس هذا الضعف: فوصف زينون الرواقي في جمهوريته التي نشرها عام ٣٠٠ ق. م على ما يظن نظاماً شيوعياً مثالياً؛ وألهم يمبولوس أحد أتباعه (٢٥٠ في الغالب) الثوار اليونان برواية له وصف فيها جزيرة مباركة في المحيط الهندي (قد تكون جزيرة سرنديب) قال إن الناس كلهم فيها أكفاء لا في الحقوق فحسب، بل في مقدرتهم وذكائهم؛ وإنهم كلهم يعملون على قدم المساواة، ويقتسمون ثمار عملهم بالتساوي، ويشتركون