للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مثلاً كان فاتحاً مات في كريت وأفرديتي كانت موجدة الدعارة ونصيرتها، ولم تكن قصة كرونوس وأكله أبناءه إلا طريقة للقول بأن أكل اللحوم البشرية في الزمن القديم عادة متبعة على ظهر الأرض. وقد كان لهذا الكتاب أثر قوي في نشر النزعة الإلحادية في بلاد اليونان في القرن الثالث قبل الميلاد (١).

بيد أن الناس لا يستريحون للتشكك لأنه يترك قلب الإنسان وخياله فارغين، وهذا الفراغ لا يلبث أن يجذب إليه عقيدة جديدة مشجعة؛ وقد مهدت انتصارات الفلسفة وانتصارات الإسكندر السبيل إلى الطقوس الدينية الجديدة. وسادت أثينة في القرن الثالث عقائد دينية غريبة اضطربت لها أحوالها، وكانت كلها تقريباً، تبشر بالجنة ونذر بالجحيم، حتى أحس أبيقور، كما أحس لكريشيوس في رومة في القرن الأول، أن من واجبه أن يندد بالدين ويقول إنه يتعارض مع طمأنينة العقل ومتعة الحياة. ومن أجل هذا أصبحت المعابد الجديدة، حتى في أثينة نفسها، تشاد عادة لإيزيس، وسرابيس، Serapis، وبنديس Bendis وأدنيس، وغيرها من الأرباب الأجانب. وانتشرت الطقوس الإليزينية الخفية وأخذ الناس يحاكونها في مصر، وإيطاليا، وصقلية، وكريت. وظلت عبادة ديونيشيوس إليوثيريوس-المحرر-واسعة الانتشار حتى اندمج هذا الإله في المسيح. وانضوى تحت لواء الأرفية أتباع جدد حين جددت اتصالها بالأديان الشرقية التي نشأت هي عنها. لقد كان الدين القديم أرستقراطياً، وكان يحرم على الأجانب والرقيق أن يكونوا من أتباعه، أما الطقوس الشرقية الجديدة فكانت تقبل بين أتباعها جميع الرجال والنساء، ومنهم الأجانب، والأرقاء، والأحرار، وكانت تعد الناس على اختلاف طبقاتهم بالخلود في الدار الآخرة.


(١) وربما كان هذا الكتاب تعبيراً عن العادة الهلنستية عادة تأليه الملوك ومشجعاً لها في الوقت نفسه.