ولما أن خرب الزلزال رودس نفسها (٢٢٥)، هب جميع العالم اليوناني لمعونتها، وذلك لأن اليونان على بكرة أبيهم كانوا يعتقدون أن اختفاءها من وسط بحر إيجة سيؤدي لا محالة إلى الفوضى التجارية والسياسية. فأرسل هيرون الثاني مثلاً مائة وزنة ذهبية (٣٠٠. ٠٠٠ ريال أمريكي)، وأعاد في المدينة نحت طائفة من التماثيل تمثل أهل رودس يتوجهم السرقوسيون، وأرسل بطليموس الثالث ثلثمائة وزنة (١)، وأنتجونس الثالث ثلاثة آلاف، ومعها مقادير كبيرة من الخشب والقار لتستخدمها في البناء، وتبرعت زوجته الملكة كريسيس Chryseis بثلاثة آلاف وزنة من الرصاص، وبما يعادل ثمانية وعشرين أردباً من الحبوب؛ وبعث سلوقس الثالث بضعفي هذا القدر وبعشر سفن ذات خمسة صفوف من المجاديف كاملة العدة. "أما المدن التي قدمت كل منها ما يتناسب مع قدرتها المالية فهذه يخطئها الحصر على حد قول بولبيوس (٤٢). لقد كانت هذه الفترة مشكاة نيرة في دياجير التاريخ السياسي المظلمة، وكانت فرصة من الفرص القليلة النادرة التي فكر فيها العالم اليوناني وعمل يداً واحدة.
(١) كانت الوزنة اليونانية تزن نحو ثمانية وسبعين رطلاً مصرياً. (المترجم)