الدين اليوناني السليم. وسرعان ما قبل اليونان آلهة الشرق ورأوا أنهم في جوهرهم آلهتهم هم؛ ولكن اليوناني لم يكن في واقع الأمر يؤمن بالآلهة كما كان يؤمن بها الشرقي، ولهذا بقي الإله الشرقي ومات الإله اليوناني، فعادت أرتميس الإفيزية كما كانت إلهة شرقية للأمومة، ذات اثنتي عشر ثدياً، واستسلم عدد عظيم من غزاة اليونان للطقوس الدينية البابلية، والفينيقية، والسورية. وقصارى القول أن اليونان عرضوا على الشرق الفلسفة، وأن الشرق عرض على اليونان الدين، كانت الغلبة للدين، لأن الفلسفة كانت ترفاً يقدم للأقلية الضئيلة، أما الدين فكان سلوى للكثيرين. واستعاد الدين سلطانه في هذا التبادل التاريخي المضطرب بين الإيمان والكفر؛ والنزعة التصوفية والنزعة الطبيعية؛ والدين والعلم؛ وذلك لأن الدين أدرك ما ينطوي عليه الإنسان من ضعف وعزلة، وبعث فيه الإلهام والشعر. وقد سَرَّ العالم الذي زالت عن أعينه غشاوة الخداع، العالم المستقل، الذي سئم الحروب، وسر هذا العالم أن يعود إليه الإيمان والأمل. وكان أعمق فتوح الإسكندر أثراً نتيجة أبعد ما تكون عن العقل، ألا وهي اصطباغ الروح الأوربية بالصبغة الشرقية.