على الرغم منهم بالثقافة الهلينية (١٦٧)، وأن يعود الهيكل كما كان ضريحاً مقدساً لزيوس، وأن يقام مذبح يوناني فوق المذبح القديم، وأن يُستبدل بالقرابين القديمة قربان من الخنازير. ثم حرم تقديس السبت والاحتفال بالأعياد اليهودية، وجعل الختان جريمة يُعاقب عليها بالإعدام، وحُرمت جميع مراسم الدين اليهودي في جميع أنحاء بلاد اليهود، وألزم الأهلون باتباع المراسم اليونانية، وعوقب من يخالف هذه الأوامر بالإعدام. وكان كل من يأبى من اليهود أن يأكل لحم الخنزير وكل من يوجد عنده كتاب الشريعة يُسجن أو يُقتل، وأمر أن يُحرق هذا الكتاب أنى وجد (١٨). وأشعلت النار في أورشليم نفسها، وهُدمت أسوارها، وبيع سكانها اليهود في أسواق الرقيق، وجيء بالأجانب ليُقيموا في مواضعها، وشيد حصن جديد على جبل صهيون، ووضعت فيه حامية من الجند لتحكم المدينة باسم الملك (١٩). ويبدو أن أنتيوخوس سعى في بعض الأوقات لأن يجعل نفسه إلهاً، وأنه طلب إلى الناس أن يتخذوه إلهاً يعبدونه (٢٠).
وزاد الاضطهاد شدة على مر الزمن. ذلك أنه يوجد دائماً في كل مجتمع أقلية فطرت على الابتهاج إذا أذن لها بالاضطهاد، لأنها ترى في هذا الاضطهاد انطلاقاً من قيود الحضارة. وكان عملاء أنتيوخوس من هذه الأقلية، فأنهم بعد أن قضوا على جميع مظاهر اليهودية في أورشليم انطلقوا انطلاق اللهب يبحثةن عن هذه المظاهر في المدائن والقرى: وكانوا أينما حلوا يخيرون الأهلين بين الموت والاشتراك في العبادات الهلنية وما تتضمنه من أكل لحم الخنازير المذبوحة على النصب (٢١). وأغلقت جميع الهياكل والمدارس اليهودية، وعُد جميع من يأبون الاشتغال في يوم السبت عصاة خارجين عن القانون. وأرغم اليهود في عيد باخوس أن يزينوا باللبلاب كاليونان أنفسهم، وأن يشتركوا في المواكب، وأن يُنشدوا الأناشيد الهمجية تكريماً لديونيشس. وصدع الكثيرون من اليهود بما أمروا به، وترقبوا أن تمر العاصفة، وفر كثيرون غيرهم إلى