حياة مملكته الجديدة من النواحي السياسية والاقتصادية، وأقامها على نظام ثابت متين (٣٠٥). وكانت نتيجة جهود خلفه أن بسطت مصر حكمها على قورينة، وكريت، وجزائر سكلديز، وقبرص، وعلى سوريا، وفلسطين، وفينيقية وساموس، ولسبوس، وسمثريس، والهلسبنت. وقد وجد في شيخوخته متسعاً من الوقت يكتب فيه شروحاً وتعليقات صادقة صدقاً مدهشاً على حروبه، وأن ينشئ حوالي عام ٢٩٠ دار العاديات والمكتبة اللتين قامت عليهما شهرة الإسكندرية. ولما بلغ الثانية والثمانين من عمره وأحس بضعف الشيخوخة أجلس ابنه الثاني بطليموس فلدلفس مكانه على العرش وأسلمه زمام الحكم، واتخذ مكانه كأحد الرعايا في بلاط الملك الشاب. ومات بعد عامين من ذلك الوقت.
وكان وادي النيل الخصيب وداله قد ملأ خزائن الملك بالمال. وحسبنا دليلاً على هذا أن بطليموس الأول حين أراد أن يولم وليمة لأصدقائه اضطر إلى أن يقترض آنيتهم الفضية وطنافسهم، أما بطليموس الثاني فقد أنفق في آخر حفلات تتويجه ما قيمته ٢. ٥٠٠. ٠٠٠ ريال أمريكي (٢). واعتنق الملك المصري الجديد فلسفة قورينة واعتزم أن يستمتع بكل ما تتيحه له الساعة التي هو فيها من لذة. فكان يتخم معدته بشهي الطعام، وجرب كثيراً من العشيقات، وأقصى عنه زوجته، وتزوج آخر الأمر باخته أرسينوئي (٣) Arsinoe. وحكمت الملكة الجديدة الإمبراطورية وصرفت شؤونها الحربية بينما كان بطليموس الثاني يحكم بين طهاته وعلماء بلاطه. وحذا حذو أبيه وزاد عليه بأن استقدم إلى الإسكندرية مشهوري الشعراء، والعلماء، والنقاد، والمتبحرين في العلوم الطبيعية والفلسفة، والفنانين، واستضافهم عنده؛ وزين عاصمته بالمباني الفخمة على الطراز اليوناني حتى صارت الإسكندرية في أثناء حكمه الطويل عاصمة بلاد البحر الأبيض المتوسط الأدبية والعلمية، وازدهرت آدابها ازدهاراً لم ترَ مثله مرة