للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومراقبتها، وابتياع جزء كبير من منتجاتها بالثمن الذي تحدده لها، وفرض ضريبة طيبة على أرباحها تُجبى لخزانتها. وكانت الصناعات اليدوية تقوم بها هيئات من العمال يتوارث أعضاؤها صناعاتهم بحكم التقاليد المرعية، وكانوا بحكم هذه التقاليد نفسها مرتبطين بقراهم ومنازلهم أيضاً (١٥). وكانت الصناعة متقدمة، فكانت العربات، وقطع الأثاث، والفخار، والأبسطة، ومواد التجميل تُصنع بكميات كبيرة؛ وكان صنع الزجاج ونسيج التيل من الصناعات التي اختصت بها الإسكندرية. وكانت الاختراعات أكثر تقدماً في مصر في عصر البطالمة منها في أي عصر آخر قبل رومة الإمبراطورية. وكانت الأدوات اللولبية والتروس، وطارات السيور، والضاغطات اللولبية، كانت هذه كلها معروفة مستعملة (١٦)؛ وتقدمت كيمياء الصباغة إلى حد استطاعوا معه أن يعالجوا الأقمشة بالقواعد الكيميائية المختلفة بحيث إذا غُمر القماش في صبغة واحدة نتج عن ذلك عدد من الألوان الثابتة (١٧). وكانت مصانع الإسكندرية يديرها العبيد عادة، وكانت نفقاتهم القليلة تمكن البطالمة من أن يبيعوا منتجاتها في الأسواق الأجنبية بأقل مما تُباع به المصنوعات اليدوية اليونانية (١٨).

وكانت الحكومة تشرف على التجارة بأجمعها وتنظم شؤونها، فكان بائعو الأشتات عادة وكلاء معينين من قبل الدولة لتوزيع بضائع الدولة (١٩)، وكانت الدولة تمتلك جميع طرق القوافل والطرق المالية. وقد أدخل بطليموس الثاني الجمل في مصر وأقام مخفراً من راكبي الجمال في جنوب القطر؛ يتولى نقل المخابرات الحكومية دون غيرها؛ ولكن هذه المخابرات كانت تشمل الرسائل التجارية كلها تقريباً. وكان نهر النيل غاصاً بسفن الركاب والبضائع، ويبدو أن هذه السفن كانت ملكاً للأفراد وخاضعة لأنظمة الدولة (٢٠). وقد أنشأ البطالمة لتجارة البحر الأبيض المتوسط أعظم أسطول تجاري في ذلك الوقت، وكانت حمولة السفينة الواحدة من سفنه تبلغ ثلاثمائة طن (٢١). وكانت مخازن