بالفعل (٢٥). وقد قام إلى جانب هذه المقايضة المعدلة نظام اقتصادي نقدي معقد. وكانت الحكومة تحتكر لنفسها إنشاء المصارف، ولكن كان في وسعها أن تنيب عنها في أعمالها شركات خاصة (٢٦). وكانت الحسابات تُدفع بتحاويل مما لأصحابها في المصارف من أرصدة؛ وكانت المصارف تقرض المال بالربا، وتسدد حسابات الخزائن الملكية. وقصارى القول أننا لا نعرف في التاريخ كله عهداً بلغت فيهِ الزراعة، والصناعة والتجارة، والمالية، ما بلغته كلها في هذا العهد من ثراء، ووحدة، ونماء خالٍ من العاطفة الإنسانية.
وكان المشرفون على هذا النظام ومنفذوه هم اليونان الأحرار المقيمون في العاصمة. وكان على رأسهم كلهم فرعون-الملك-الإله. وكان بطليموس في نظر سكان بلاد اليونان منقذاً Soter، أو محسناً Euergetes بحق، فقد وهبهم مائة ألف منصب حكومي وأتاح لهم فرصاً اقتصادية لا حد لها، ويسر لهم سبل الحياة العقلية تيسيراً لا عهد لهم به من قبل، وأوجد لهم بلاطاً كان مصدر الحياة الاجتماعية المترفة ومركزها. ولم يكن الملك نفسه ملكاً مستبداً لا يُسئل عما يفعل؛ فقد اجتمعت التقاليد المصرية والشرائع اليونانية على إقامة نظام تشريعي أخذت بعضه عن القانون الأثيني وحسنت فيه من جميع نواحيه ما عدا ناحية الحرية. وكان لأوامر الملك قوة القانون بأكملها؛ ولكن المدن كانت تستمتع بقسط كبير من الحكم الذاتي، وكانت الجماعات المصرية، واليونانية، واليهودية، تخضع كل منها لشرائعها الخاصة، وتختار قضاتها، وتحاكم أمام محاكمها (٢٧). وفي تورين بردية سُجلت فيها إحدى قضايا الإسكندرية، وقد حُدد فيها موضوع النزاع تحديداً دقيقاً، وعُرضت فيها الأدلة بعناية فائقة، ولُخصت السوابق، ثم صدر الحكم بالنزاهة المطلوبة من القضاة. وثم برديات أخرى سُجلت فيها وصايا أهل الإسكندرية وهي تزيح الستار عن قدم الصيغ