ولقد أقام هذا الملك الصارم الذي يبدو لنا من خلال أربعة آلاف من السنين حاكماً رحيماً، نظاماً من الحكم والإدارة دام خمسمائة عام، أثرت فيه البلاد مرة أخرى، وعاد فيه الفن إلى سابق عهوده الزاهرة. واحتفر سنوسريت الأول قناة تصل النيل بالبحر الأحمر، وصد الغزاة النوبيين وشاد الهياكل العظيمة في عين شمس والعرابة والكرنك. ولقد نجت من عبث الدهر عشرة تماثيل ضخمة تمثله جالساً، وهي الآن في متحف القاهرة. وبدأ سنوسريت آخر هو سنوسريت الثالث يخضع فلسطين لحكم مصر، ورد النوبيين الذين كانوا لا ينقطعون عن الإغارة على حدودها الجنوبية، ووضع لوحة عند تلك الحدود كتب عليها أنه لم يضعها "رغبة في أن تعبدوها، بل طمعاً في أن تحاربوا من أجلها"(٣٧). وكان أمينمحيت الثالث إدارياً حازما عني بحفر الترع والتنظيم وسائل الري، وقضى "ولعله قد أسرف في هذا القضاء" على أمراء الإقطاع، وأحل محله موظفين معينين من قبل الملك. وبعد ثلاثة عشر عاماً من موته عاد الاضطراب إلى مصر على أثر النزاع الذي قام بين المتنافسين المطالبين بالعرش، وانقضى عهد الدولة الوسطى في حال من الفوضى