المهمة فيها، ولم يكن للفضيلة فيها شأن كبير كشأنها في الصحف اليومية في هذه الأيام. وإذ كان الممثلون يلبسون أقنعة، وكان عدد الأقنعة محدوداً، فإن كاتب المسلاة كان يحيك حبكته وما فيها من دسائس وخطأ في هوية أشخاص المسرحية حول عدد قليل من الأشخاص البلهاء كان يسر النظارة على الدوام أن يميزوهم بعضهم من بعض. وكانت الشخصيات التي تتكرر باستمرار هي شخصية الأب القاسي، والشيخ الهرِم، والخير، والابن المتلاف، والوارثة التي يُخطئ الناس فيظنونها فقيرة، والجندي الصاخب، والعبد الحاذق، والمتملق، والطفيلي، والطبيب، والقس، والفيلسوف، والطاهي، والعشيقة، والقواد.
وكان رافعا علم هذه المسلاة الأخلاقية في أثينة في القرن الثالث هما فلمون Philemon ومناندر Menander. فأما فلمون فلا يكاد يبقى لنا من آثاره شيء سوى صدى شهرته، وكان الأثينيون يحبونه أكثر مما يحبون مناندر، وقد منحوا أولهما من الجوائز أكثر مما منحوا الأخر؛ ولكن فلمون ارتفع بفن تنظيم المصفقين المأجورين في دار التمثيل إلى ذروته؛ وإذ كانت الأجيال المقبلة قد أغفلَ أمرها ولم يحسب لها حساب في تلك الأجور، فإنها لم تأخذ بحكم هؤلاء المصفقين وقلبته ظهراً لبطن، ووضعت التاج على عظام مناندر. وكان هذا المؤلف المسرحي يماثل كنجريف Cogreve في العصر الحديث ابن أخ كاتب مسرحي آخر غزير الإنتاج هو ألكسيس الثوريائي Alexis of Thurii تلميذ ثاوفراسطوس وصديق أبيقور. وقد تعلم من أستاذه وصديقه أسرار المسرحيات، والفلسفة، وهدوء النفس، وكاد أن يحقق مثل أرسطو الأعلى؛ فقد كان جميلاً، ثرياً يفكر في الحياة في هدوء وحسن إدراك، ويستمتع بملاذها استمتاع الرجل المهذب. وكان عاشقاً متقلباً، قنع بأن يجزي جلسرا Glycera على حبها وإخلاصها له بأن يمس اسمها بعصا الخلود السحرية. ولما دعاه بطليموس الأول إلى الإسكندرية بعث فلمون بدلاً منه وقال: "إن فلمون