ليست له جلسرا". وسُرت جلسرا بذلك أيما سرور، وكانت قد قاست كثيراً بانتصارها على ملك من الملوك (١٥). ويؤكد لنا رواة أخباره أنه عاش معها بعد ذلك الوقت وأخلص لها حتى مات في الثانية والخمسين من عمره باعتقال العضلات بينما كان يستحم في بيرية (٢٩٢)(١٦).
وظهرت مسرحيته الأولى في السنة التي أعقبت وفاة الإسكندر، كأنها بظهورها في تلك السنة تعلن بداءة عهد جديد. وكتب بعد ذلك العام مائة مسلاة وأربعاً، نالت ثمانٍ منها الجائزة الأولى. وقد بقي من هذه المسرحيات نحو أربعة آلاف سطر كلها قطع منها قصيرة متفرقة ما عدا بردية عُثر عليها في مصر عام ١٩٠٥. وتحتوي هذه البردية على نصف مسلاة المحكمين Epitrepontes وقد هبطت بسمعة مناندر. ولو أننا شكونا من أن موضوعات هذه المسالي مسئمة كموضوعات فنون النحت، والعمارة، والخزف اليونانية، لذهبت شكوانا هذه مع الريح؛ بل ينبغي لنا أن نذكر أن اليونان لم يكونوا يحكمون على المسرحية بالقصة التي تقصها-وهو معيار خليق بالأطفال-بل بالطريقة التي تقصها بها. ومن أجل هذا كان ما يُعجب به العقل اليوناني في مناندر هو أسلوبه الأنيق المصقول، والفلسفة المركزة في فكاهته، وتصوير المناظر العادية تصويراً بلغ من واقعيته أن صاح أرسطوفان البيزنطي متسائلاً:"أي مناندر، وأنتِ أيتها الحياة، ترى أيكما يقلد الآخر؟ (١٧) " وكان مناندر يرى أنه لم يبقِ للإنسان شيء في هذا العالم الذي ضاع تحت أقدام الجنود إلا أن يفكر في شؤون البشر تفكير الناظر إليها وهو خارج منها، يعطف عليها من غير أن يتورط فيها. وهو يلاحظ غرور النساء وتقلبهن، ولكنه يسلم بأن الزوجة العادية نعمة من أجل النعم. وتدور فكرة المحكمين في بعض أجزائها على رفض المعيار المزدوج (١٨)؛ ويدور موضوع إحدى المسرحيات بطبيعة الحال حول عاهر مخلصة ترفض كما ترفض ذات الكميليا دوماس، الرجل الذي تحبه، لكي تمكنه من أن يتزوج زواجاً محترماً بسيدة يجني من وراء