في نهر الموت وجرفه التيار، وانقفل الدردور على رأسه
رأس من كانت تحبه ربات الشعر بأجمعها
رأس من لم تغضب منه حور الغاب"
يا ربات الشعر أقلعي، أقلعي عن نشيد الرعاة
وتواصل الأنشودة الثانية موضوع الحب، ولكنها تواصله في نغمة أعنف من هذه النغمة. وتقص كيف أغوى دلفيس Delphis سميثيا Simaetha عذراء سرقوسة ثم هجرها فأخذت تستثير حبه بالتعاويذ، ورحيق العشاق، وتقول إنها اعتزمت أن تتجرع السم إذا عجزت عن كسب حبه. وتقف تحت النجوم وتصف لسيليني Selene إلهة القمر ما دب في قلبها من الغيرة حين رأت دلفيس يسير مع رفيقته.
وما كدنا نصل إلى منتصف الطريق عند مسكن ليكون Lycon
حتى شاهدت دلفيس مقبلاً مع أودانبوس Eudanippus
وكانت وجنات الفتى والفتاة وذقنهما
أنصع بياضاً من القَسْوس حين يكمل نماءه
نعم، وصدراهما أكثر تلألؤاً منك يا سيليني،
يدّلان على أنهما قد اقبلا تواً من كدح المصارعين النبيل.
فكري في حُبي، وفكري من أين جاء، أنت يا سيدة سيليني.
فلما رأيتهما، استشطت غضباً، واتقدت نار الغيرة في صدري
فاكتوى بنار الحب الضائع قلبي. وذبل جمالي ولم أعد
أرقب المراكب حين تمر؛ ولم أدرِ كيف عدت إلى داري
لأن آفة كريهة، أو مرضاً لافحاً، قد قضى عليّ،
وظللت أربعة أيام مسجى على فراشي وعشر ليالٍ قضيتها في ألم ممض.
فكري في حبي، وفكري من أين جاء، أنت يا سيدة سيليني
وكثيراً ما جفت نضرة جسمي واصفرت كالهشيم الجاف،
أجل وتساقط شعر رأسي، وكل ما كنته قبلاً
لم يبقَ منه إلا جلد وعظم، وما من إنسان إلا لجأت إليه،
وما من طريق فيه عجوز شمطاء تتلو فيه رقبة حب إلا سلكته.
لكنني لم أجد عزاء، ومرت الأيام سراعاً.
فكري في حبي، وفكري من أين جاء، أنت يا سيدة سيليني