من الماء. وبذلك استطاع أركميديز أن يعرف بالضبط مقدار ما استخدم في التاج من الفضة، ومقدار ما اختلس من الذهب.
ولم تكن لتحقيقه رغبة الملك من الأهمية لديهِ ما يعادل كشفه قانون الأجسام الطافية وطريقة تقدير الثقل النوعي للأجسام. وصنع أركميديز آلة مثل فيها الشمس والأرض والقمر والخمسة الكواكب المعروفة وقتئذ (زحل، والمشتري، والمريخ، والزهرة، وعطارد) ورتبها بحيث إذا أدير ذراع مركب في الآلة رأى الإنسان هذه الأجرام جميعاً تتحرك في اتجاهات وبسرعات مختلفة (٦)؛ ولكنه في أغلب الظن كان يتفق مع أفلاطون في قوله إن القوانين المسيطرة على حركات الأجرام السماوية أجمل من النجوم (١).
وقد صاغ أركميديز، في رسالة مفقودة بقي بعضها في ملخصات لها، قوانين الرافعة والميزان صياغة بلغ من دقتها أن تقدماً ما لم يحصل فيها حتى عام ١٥٨٦ م، فهو يقول مثلاً في الفرض الرابع:"الأجسام المتناسبة تتوازن إذا كانت على مسافات تتناسب تناسباً عكسياً مع جاذبيتها"(٨)، وتلك حقيقة عظيمة النفع تبسط العلاقات المعقدة بين الأجسام تبسيطاً بارعاً يؤثر في نفس العالم كما يؤثر تمثال هرمس لبركستليز في نفس الفنان. وذهل أركميديز حين شاهد ما في الرافعة والبكرة من قوة فأعلن أنه إذا أعطى مرتكزاً ثابتاً استطاع أن يحرك أي شيء يريد تحريكه، ويروى عنه أنه قال في لهجة سرقوسة الدورية Pa po، kai tan gan kino": أعطني مكاناً أقف عليهِ، أحرك لك الأرض (٩) " وتحداه هيرون أن يفعل ما يقول، وأشار إلى ما كان يلقاه
(١) وقد رأى شيشرون هذا الجهاز بعد قرنين من ذلك الوقت، وعجب من تناسق حركات الأجرام الممثلة فيهِ في أوقاتها المختلفة رغم تعقيدها الشديد؛ وكتب في ذلك يقول: "حين حرك جلوس Gallus الكرة تبينا أن القمر كان على الدوام يتم دورات خلف الشمس على الجهاز البرنزي تتفق في عددها اتفاقاً تاماً مع عدد الأيام التي يتخلف فيها وراء الشمس في السماء. وبهذا يحدث خسوف الشمس على الجهاز كما يحدث في الحقيقة (٧) ".