للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا كان من الواجب أن يسمى "فلك بطليموس" "فلك هبارخوس". وأكبر الظن أنه هو الذي حسن الاسطرلابات وآلات قياس الزوايا وهي أهم الآلات الفلكية في زمانه؛ ولعله قد استعان على هذا التحسين بنماذج الآلات البابلية؛ واخترع طريقة تعيين الأماكن على سطح الأرض بخطوط الطول والعرض، وحاول أن ينظم الفلكيين في بلاد البحر الأبيض المتوسط ليقوموا بأعمال الرصد والقياس التي يستطيعون بها تحديد مواضع البلاد الهامة بهذه الطريقة. لكن الاضطرابات السياسية حالت دون تنفيذ هذه الخطة حتى استتب النظام في عصر بطليموس. واستطاع هبارخوس بفضل دراسته الرياضية للعلاقات الفلكية أن يضع جداول جيوب الزوايا، وأن يبتكر بذلك حساب المثلثات. ومما لا ريب فيه أنه استعان بالسجلات المسمارية التي جيء بها من بابل فحدد أطوال السنين الشمسية، والقمرية، والنجمية، تحديداً لا يكاد يختلف عن أطوالها الصحيحة؛ فقد قدر السنة الشمسية بثلاثمائة وخمسة وستين يوماً وربع يوم إلا أربع دقائق و ٤٨ ثانية- وهو يختلف عن تقدير هذه الأيام بست دقائق لا أكثر. وكان تقديره للشهر القمري الوسطى ٢٩ يوماً، ١٢ ساعة، ٤٤ دقيقة، ١ slash ٢٢ ثانية. وهو يختلف عن التقدير المعترف به اليوم بأقل من ثانية (٢٧). وحسب أزمنة اقتران الكواكب، وميل مدار القمر عن فلك الأرض، وحدد أكبر بعد بين الشمس والأرض، واختلاف موقع القمر بالنسبة للنجوم باختلاف موضع الراصد على سطح الأرض (٢٨)، وقدر بعد القمر عن الأرض بمائتي ألف وخمسين ألف ميل فلم يخطئ إلا في خمسة في المائة.

واستنتج هبارخوس بالاعتماد على هذه المعلومات كلها أن القول بأن الأرض مركز العالم يفسر هذه الحقائق كلها أحسن مما يفسرها فرض أرستارخوس. ذلك أن النظرية القائلة بأن الشمس مركز العالم لا يمكن أن تثبت على التحليل الرياضي إلا إذا افترضنا أن مدار الأرض قطع ناقص، وهو فرض لا يوائم التفكير