كان الرجل في صيده كانت هي تنكت الأرض حول الخيمة أو الكوخ لتلتقط كل ما عساها أن تصادفه فوق الأرض من مأكول؛ ففي استراليا كان العرف القائم هو أنه إذا ما غاب الزوج في رحلات صيده، أخذت الزوجة تحفر الأرض بحثاً عن جذور تؤكل، وتقطف الثمار والبندق من الشجر، وتجمع العسل والفُطر والحبَّ والغلال التي تنبتها الطبيعة%=& Summer and Keller، Science of society، i، ١٣٢&؛ ولا تزال بعض القبائل في استراليا حتى يومنا هذا تحصد الغلال التي تنبت بالطبيعة دون أن تحاول درس الحبوب وبذرها؛ ولبث هنود وادي نهر ساكرامنتو عند هذه المرحلة لا يجاوزونها أبداً%=& Roth، H. L. ، In Thomas، e. i. ، Source Book for Social origins، ١١١. & وهكذا لن يتاح لنا إلى آخر الدهر أن نعلم متى أدرك الإنسان لأول مرة وظيفة الحبوب بحيث يتحول من جمعها إلى بذرها في الأرض، فهذه البدايات هي أسرار التاريخ التي سنظل نضرب حولها بمجرد الإيمان والحدس، لكننا يستحيل أن نعلم عنها علم اليقين، فيجوز أنه حين أخذ الإنسان في جمع الحبوب النابتة بطبيعتها، كانت تسقط منه حبات وهو في طريقه من مكان النبات إلى حيث يقيم فنبهته أخيراً إلى السر العظيم الكامن في نمو النبات، فألقى الناسُ من قبيلة "جوانج" البذور في الأرض وتركوها تشق لنفسها طريقها إلى الفضاء، وأما أهالي "بورنيو" فكانوا يضعون الحبَّ في حفرات يحفرونها بعصاة مدببة إذ هم سائرون عبر الحقول%=& Roth، H. L. ، In Thomas، e. i. ، Source Book for Social origins، ١١١. ; Mason O. T. ، Origins of invention، ١٩٠; Lippert J. ، Evolution of Culture، ١٦٥. &، فكانت هذه العصاة أو "الحافرة" أبسط ما عرفه الإنسان من أدوات زراعة الأرض، وقد كان الرحالة في مدغشقر منذ خمسين عاماً يرون النساء وقد امتشقن هذه العصي المدببة، ووقفن في صف كأنهن الجنود، ثم تصدر لهن إشارة البدء فيأخذن في حفر الأرض بعصيهن، وقلب التربة ووضع البذور ثم تسوية التربة بأقدامهن من جديد، وبعدئذ يمضين إلى خط آخر من خطوط الحقل%=& Renard، G. ، Life and work in prehistoric times، ١٢٣. &، والمرحلة التي تلت ذلك في تقدم الفلاحة وأدواتها مرحلة استُعملت فيها الفأس في الحرث، وذلك بأن ركّب الإنسان عظمة في طرف العصاة الحافرة، وربط فيها قطعة أخرى مستعرضة لتكون صالحة